قالت صحيفة " الجارديان" البريطانية إن نحو 400 مصري مختفي منذ أواخر يوليو الماضي يتعرضون للتعذيب في سجن العزولي وهو سجن عسكري سري في الإسماعيلية، وفقا لمقابلات أجراها مراسل الصحيفة باتريك كينجسلي مع معتقلين سابقين ومحامين ونشطاء حقوق الإنسان وأسر بعض المفقودين. وقد نُقل المعتقلون وهم معصوبو الأعين إلى السجن العسكري بالإسماعيلية، وهناك ما يصل إلى 400 معتقل ما زالوا يتعرضون للتعذيب خارج نطاق الإشراف القضائي، وهو أوضح مثال للحملة الأمنية واسعة النطاق التي وصفها البيان المشترك لمنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش بأنها "قمع غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث". وأوضحت الصحيفة أن السجناء في سجن العزولي يُصعقون بالكهرباء، ويتعرضون للضرب المبرح، ويُعلقون من أيديهم لساعات طويلة وهم مجردون من ملابسهم، حتى يدلون ببعض المعلومات أو الاعترافات المعينة. وألمحت إلى أن هؤلاء المعتقلين 16 ألف سجين سياسي على الأقل منذ عزل نظام الرئيس محمد مرسي في الصيف الماضي، لكن ما يميز سجن العزولي أنه يحتجز المعتقلين دون إشراف من النظام القضائي، في ظروف تسمح لسجانيهم بتعذيبهم دون خوف أو افتراض أي عواقب لتصرفاتهم. قال أيمن، رجل في متوسط العمر، نُقل إلى سجن العزولي نهاية العام الماضي، وأحد القلائل الذين أُفرجوا عنهم بعد ذلك "رسميا، نحن لم نكن في سجن العزولي، فلا توجد وثائق توضح أننا نُقلنا هناك، إنه ليس بسجن عادي، ولو حدث وتوفيت في العزولي، لن يعرف أحد بالخبر". وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يمكن للمدنيين رؤية سجن العزولي، لأنه يقع داخل معسكر للجيش الثاني الميداني في الإسماعيلية، المدينة التي تقع على بعد 62 ميل شمال شرق القاهرة، ويحتوي الطابق الثالث من مبنى السجن على زنازين ضيقة تحوي مئات المعتقلين. ووفقا لثلاثة سجناء خرجوا من سجن العزولي، فإن معظم معتقلي العزولي هم سلفيين متشددين، متهمين بالتورط أو على علم بموجة الهجمات المسلحة التي بدأت عقب فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس الماضي، العديد منهم من شمال سيناء، مركز التمرد الجهادي، لكن هناك أيضا سجناء من جميع أنحاء مصر. وذكرت الصحيفة أن البعض فقط داخل سجن العزولي هم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي تحظرها الحكومة، وبعض الطلاب المشاركين في الاحتجاجات المناهضة للنظام، والأقلية أشخاص ليس لديهم انتماءات دينية اُعتقلوا بطريقة عشوائية، وذكر الثلاثة سجناء الذين حاورهم المراسل باتريك كينجسلي أن طفل على الأقل وصحفي ضمن السجناء في العزولي. ووصف الثلاثة سجناء مسألة اعتقالهم على سبيل المجاز أنهم مثلا كانوا في رحلة صيد، فاعتقلتهم القوات الأمنية دون دليل أو إدانة، ومن ثم تعرضوا للتعذيب من أجل الإدلاء بمعلومات تبرر سبب اعتقالهم. قال محمد المسيري، باحث بمنظمة العفو الدولية، أجرى تحقيقات مكثفة حول سجن العزولي "المشكلة أن سجناء العزولي اُعتقلوا عشوائيا دون دليل واضح، وبعدها استخدم جهاز المخابرات وسائل التعذيب معهم في سبيل التأكد ما إذا كانوا متورطين فعلا في العنف أم لا". وبالنسبة لخالد، ناشط شاب، فإن تعذيبه بدأ قبل وصوله للسجن، إذ أنه اُعتقل أثناء ذهابه للعمل قبل عدة أشهر، قائلا إنه تعرض للضرب المبرح والصعق بالكهرباء لعدة ساعات في مكان مغلق من قبل الجنود ورجال الشرطة قبل نقله إلى سجن العزولي. وأضاف خالد "استخدموا صاعقتين كهرباء، وجلبوا فوطة، ووضعوا عليها ماء، وربطوها على فمي لكتم نفسي، واستمروا في ضربي". وتابع "بعد أربع ساعات، تقطعت ملابسي إربا، وتورم وجهي، وأُغلقت عيناي، أُصبت بجرح في فكي بشكل عميق بما يكفي لأي جندي لأن يضع إصبعه داخل الجرح". ولخص خالد "حياتك هناك عبارة عن حياة داخل قبر، لا أحد يعرف أي شيء عن مكان وجودك". واعترف ضابط كبير بالجيش بوجود سجن العزولي، لكنه لم يرد على بعض الادعاءات، ورفض طلبا لزيارة السجن، بحسب الصحيفة.