يعيش النظام المصري هذه الأيام حالة من التخبط والضعف تشبه إلى حد كبير تلك التي عانى منها النظام الباكستاني قبل الإطاحة بالرئيس "برويز مشرف"، وتمثلت تلك الحالة في ضعف سيطرته على مقاليد الأمور داخل الدولة المصرية وتعدد الكوارث والمصائب الناتجة عن الإهمال واللامبالاة الحكومية، علاوة على تفشي الجرائم وانهيار الحالة الأمنية في جميع انحاء البلاد. هذه التطورات دفعت بعدد من الصحف العالمية والصهيونية من أبرزها "نيويورك تايمز"، "وجيروزاليم بوست" لإصدار تقارير عاجلة تشير إلى قرب غروب شمس نظام مبارك وانهياره، وساقت تلك الصحف عددًا من الحقائق التي تبرهن على هذا الاعتقاد كان أبرزها تعدد الكوارث والمصائب في مختلف انحاء البلاد والتي تكون أصلا بسبب الإهمال الحكومي، ويأتي التعامل معها دون المستوى كما حدث أخيرا في حريق الشورى وكارثة الدويقة. الصحف أكدت أن نظام مبارك شاخ مثل مبارك نفسه الذي تجاوز الثمانين من عمره وباتت صحته غير مستقرة وبدت قبضته وكأنها تضعف على مقاليد الحكم في البلاد ما ادى لانتشار الفوضى في مختلف المؤسسات الحكومية، وانشغل جهازه الأمني بقمع المعارضة وبالتحديد جماعة الإخوان المسلمين التي تعد المنافس الرئيس لنظام مبارك، وأدى ذلك إلى انتشار الجرائم الجنائية والمخدرات بشكل مخيف في مصر. وأشارت تقارير تلك الصحف إلى أنه على مدي الأعوام الماضية هيأ مبارك نجله جمال لوراثته في الحكم، لكن من غير الواضح حتي الآن هل سيتمكن من الإمساك بقبضة حديدية علي الحكم مثل والده، الذي كان قائداً للقوات الجوية ولسلاح الطيران قبل أن يعينه السادات نائباً للرئيس، خاصة أن جمال لم يدخل الجيش إطلاقاً ولا يتمتع بأي تأييد في الجيش وبين القيادات العسكرية التي تفضل أن يحكم مصر واحد منها. وحذرت التقارير من أن تستولي علي الحكم في مصر عناصر جهادية، وطالبت صناع السياسة الإسرائيليين والأمريكان بوضع خطط احتياطية وطوارئ لمواجهة أي تحول مفاجئ في الأحداث. وقالت إن التطورات الأخيرة في باكستان تجعل من الممكن أن تستولي جماعة الإخوان المسلمين علي الحكم بعد وفاة مبارك. الأمر الآخر الأكثر خطورة هو ان نظام مبارك حاليًا ينتهج نفس سياسة نظام "مشرف" في باكستان في عداء مختلف فئات الشعب وأهمهم القضاة والتي كانت الأزمة معهم من أهم أسباب سقوط "مشرف"، فقد أكد بيان صادر عن القضاة المحالين إلى الصلاحية في العامين الماضيين بقرار من وزير العدل ممدوح مرعي أن النظام المصري يعد مخططًا لعزلهم مثل قضاة باكستان. بعد فضحهم تزوير الانتخابات الرئاسية والتشريعية لردع باقي القضاة وكتم أفواههم واخراس أصواتهم. وجاء في نص البيان الذي نشرته جريدة "البديل" المستقلة: «منذ فضح القضاة تزوير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2005، وكشفهم سيطرة الأمن علي كل شيء، أخذ النظام الحاكم علي عاتقه إقامة حملة تأديبية ضد القضاة الإصلاحيين، وصولاً إلي عزلهم من مناصبهم مثلهم مثل قضاة باكستان الذين عزلهم الرئيس السابق برويز مشرف». ورأي القضاة في مذكرتهم أن النظام في مصر استعمل طريقة أخري اشد مكراً ودهاء.. مستخدماً نصوص السلطة القضائية التي تتيح لوزير العدل إحالة أي قاضي بالدعوي التأديبية إلي مجلس التأديب وصولاً إلي عزله من منصبه. وأتي بممدوح مرعي وزير العدل بتنفيذ هذه الأجندة وجميع الشكاوي الكيدية ضد القضاة، والتي كان يتم حفظها في عهود سابقة ويقيم دعائم لهذه الشكاوي بواسطة إرهاب القضاة بإدارة التفتيش القضائي التابعة لوزير العدل والتي يرأسها مساعد له. وأكد القضاة المعزلون في مذكرتهم أن هذه الوقائع دليل علي عدم استقلال القضاء في مصر وهيمنة السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل علي السلطة القضائية، ونوه القضاء بأن وزير العدل أنشأ مجلس تأديب باطلا بالمخالفة لنص القانون في تشكيل هيئته حتي يكون أعضاؤه تحت إمرته، ويأتمرون بأمره ويحكمون بما يقوله لهم. وأضافوا:«في خلال عامين تمت الاطاحة ب 186 قاضياً إلي خارج الهيئة القضائية بدعاوي تأديبية باطلة معلوم الحكم فيها سلفاً ومسبقاً بتوجيه من وزير العدل شخصياً». واتهم القضاة في مذكرتهم المستشار مقبل شاكر رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس القضاء الأعلي بالصمت علي ما حدث لهم. وربطوا بين ما يحدث وبين مشروع رفع سن المعاش إلي 72 عاماً، وبين طموحه السياسي بعد خروجه إلي المعاش. وأضاف القضاة في مذكرتهم: «ولعل في التصريحات التي يدلي بها للصحف والفضائيات وانكاره وجود تزوير وتأكيده علي استغلال القضاء علي خلاف الحقيقة وإنكاره إحالة هذا العدد من القضاة إلي الصلاحية خير دليل علي ذلك. جدير بالذكر أن نادي القضاة شكل لجنة تقصي حقائق برئاسة المستشار فؤاد راشد رئيس محكمة الاستئناف للتحقيق في إحالة عدد غير مسبوق من القضاة إلي الصلاحية، وصل إلي 186 قاضياً منذ تولي المستشار ممدوح مرعي وزير العدل منصبه منذ عامين