“السفاح يترشح للرئاسة” هكذا وصف البعض ترشح سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية لانتخابات الرئاسة، والتي من المقرر أن تعقد قبل 25 مايو المقبل فلم يكن في مخيلة أحد أن يترشح شخص للرئاسة اللبنانية متهم في ارتكاب أكثر من 21 جريمة. سمير جعجع، مرشح حزب القوات اللبنانية، تمكن من احتلال الواجهة الإجرامية للحرب الأهلية اللبنانية من خلال نوعية جرائمه التي كانت استئصالية بحيث طالت اغتيالاته عائلات بكاملها، كما استفز بأفعاله مشاعر أكثر من طائفة وفريق بمن فيها طائفته المارونية. ولد سمير جعجع في 25 أكتوبر 1952 في عين الرمانة إحدى ضواحي بيروت لعائلة مارونية. انضم في صباه إلى الذراع الطلابية لحزب الكتائب، وباشر دراسة الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، إلا إنه ترك دراسته إثر بدء الحرب الأهلية عام 1975 وانتقل إلى جامعة القديس يوسف في الضواحي المسيحية لبيروت، وسرعان ما ترك دراسته مجددًا في عام 1976 ليشارك في القتال ضد التنظيمات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. بعد دخول الجيش السوري ووقوع معركة تل الزعتر عاد إلى دراسته في الجامعة، لكنه تركها قبل تخرجه بشهور معدودة إثر تجدد القتال. وطلب بشير الجميّل بإلحاقه في القوات اللبنانية المشكلة حديثًا، وفي تلك المعارك أصيب إصابة خطيرة نقل إثرها إلى فرنسا للعلاج. كما خاض حربًا شرسة ضد الجيش اللبناني بقيادة العماد ميشال عون سميت بحرب الإلغاء، وبعد اتفاق الطائف تحولت القوات إلى حزب سياسي كما بقية المليشيات المتصارعة. في عام 1994 سجن بسبب اتهامه بتفجير كنيسة سيدة النجاة في كسروان وقد حصل على البراءة من هذه التهمه، إلا أنه حوكم بتهمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي ورئيس حزب الوطنيين الأحرار داني شمعون، كما اتهم باغتيال النائب طوني فرنجيّة ابن الرئيس سليمان فرنجيّة وعائلته في إهدن وهو ما سمي لاحقًا بمجزرة إهدن حتى أن البعض عدد تلك الجرائم إلى أكثر من 21 جريمة. بالإضافة إلى الاتهامات الموجهة إليه في المشاركة في تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا؛ حيث تشير المعلومات إلى اختيار الموساد الإسرائيلي سمير جعجع لتنفيذ تلك العملية؛ نظرًا لإبداعه في المجال الإجرامي. وكذلك فضيحة الزيتونة أو سفالة الزيتونة حيث جمّع جعجع ما يزيد على 50 محجبة وجعلهن يمشون في الشارع عاريات من دون أي لباس ثم من معه قام بالاغتصاب. بالإضافي إلى دعمه الكامل للاجتياح الإسرائيلي عام 1982 حيث كان هو ومن معه من مرشدين سياحيين للقوات الإسرائيلية. ويعتبر جعجع من المناهضين للرئيس بشار الأسد حيث أدان مرارًا تورّط حزب الله العسكري في سوريا. وكان جعجع قد قضى أكثر من 11 عامًا في السجن لاتهامه بجرائم ارتكبت إبَّان الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ويعتبر سمير جعجع، زعيم الحرب الوحيد الذي سجن لدوره في الجرائم التي ارتكبت إبان الحرب، وأفرج عنه بعد أن أقرّ البرلمان اللبناني الذي كان يضم في عام 2005 الأغلبية المعارضة لسوريا قانون العفو. وشهدت الساحة اللبنانية سجالًا بعد إعلان سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية ترشحه لرئاسة لبنان حيث اعتبر الوزير السابق فيصل كرامي الذي اعتبر ترشح جعجع يومًا أسود في تاريخ لبنان لاتهامه في اغتيال عمه رشيد كرامي. من جانبه، اعتبر النائب إميل رحمه عضو كتلة “لبنان الحر الموحد” التي يتزعمها النائب المسيحي سليمان فرنجية أن ترشح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع سيكون للتعطيل على شخص وهو رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون كما سيحدث مشكلة داخل تركيبة 14 آذار ورأى أن فرص جعجع مستحيلة لأن الرئيس لا يمكن أن يكون مختلفًا مع طائفة بكاملها ومع أقرب الناس إليه ويصل إلى الرئاسة، بعكس فرنجية وعون فهما شخصيتان تريحان خصمهما وقريبهما في الوقت نفسه. على حد تعبيره. وستنتهي المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان في 25 مايو ودرجت العادة في انتخابات الرئاسة لا سيما منذ انتهاء الحرب الأهلية على “التوافق” على رئيس للجمهورية. وتم انتخاب الرئيس الحالي ميشال سليمان، القائد السابق للجيش، بعد سبعة أشهر من فراغ كرسي الرئاسة على خلفية أزمة سياسية حادة. ويعتبر جعجع من أبرز خصوم “حزب الله” الشيعي، القوة السياسية والعسكرية النافذة في لبنان. وحزب “القوات اللبنانية” هو الحزب الوحيد الذي رفض المشاركة في الحكومة التي شكلت أخيرًا وضمت ممثلين عن كل الأطراف بمن فيهم أعضاء قوى 14 آذار التي ينتمي إليها جعجع؛ وذللك نظرًا لرفضه الجلوس إلى جانب “حزب الله” في حكومة واحدة، ما لم يعلن هذا الأخير استعداده للانسحاب من سوريا حيث يقاتل إلى جانب القوات النظامية. ويدعو جعجع بإلحاح إلى معالجة مسألة سلاح “حزب الله” الذي يفترض أن يكون في رأيه تحت إشراف القوى الشرعية.