يقول الله خالقنا و خالق كل شيء، و هادينا و مرشدناالى الطريق المستقيم ، طريق العزة و النصر علي العدو " يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة و قد كفروا بما جائكم من الحق يخرجون الرسول و اياكم ان تؤمنوا بالله ربكم ان كنتم خرجتم جهادا في سبيلي و ابتغاء مرضاتي يسرون اليهم بالمودة و انا اعلم بما اخفيتم و ما اعلنتم و من يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل " ( اية 1 - الممتحنة ) . في هذه الاية الكريمة يبين الله لنا و ينهانا عن ان نتخذ من عدوه و عدونا اولياء ، اي حلفاء ، نتودد اليهم و نتبادل معهم النصيحة ، اي تربطنا بهم علاقات استراتيجية فنضع بين ايديهم اسرار امتنا و نتعاون معهم في اضعافها و هزيمتها . و يقول الله " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين " ( اية 8 - الممتحنة ). في هذه الاية يحفزنا الله على التعامل مع كل الذين لم يقاتلوننا في ديننا و لم يخرجوننا من ديارنا و ارضنا و ان نقسط اليهم ان ان نعطيهم جزءا من اموالنا او نحكم اليهم بالعدل اذا ما حكمنا في امورهم. و يقول الله " انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و اخرجوكم من دياركم و ظاهروا على اخراجكم ان تولوهم و من يتولهم فاولئك هم الظالمون " ( اية 9 - الممتحنة ). و في هذه الاية المكملة للاية السابقة يقول الله لنا في صيغة الامر و النهي ان لا نتعامل مع الذين فرضوا علينا القتال في ديننا و ديارنا و ارضنا و لا مع الذين ظاهروا ( حالفوا و عاونوا ) عدونا علينا . الخلاصة التي نستخلصها من الايات الثلاث انه محرم شرعا على المسلمين حكاما و محكومين الدخول في علاقات استراتيجية و تحالفات مع العدو و من يفعل ذلك منهم فاولئك هم الظالمون ، فمن هو العدو؟ العدو الاساسي لامتنا الان هو الولاياتالمتحدةالامريكية و الصهيونية ، و قد شكل هذا العدو تحالفا استراتيجيا دوليا لمواجهة " مسألة " وجود الامتين العربية و الاسلامية ، و الخط الاساسي الحاكم لاستراتيجية هذا التحالف هو " التفتيت " ، و قد ترجم العدو الامريكي الصهيوني خطه الاستراتيجي الاساسي " التفتيت " في مجموعة من الخطوط الاستراتيجية الفرعية التي توصل معا الي تحقيق الهدف الامريكي الصهيوني و هو انهاء وجود الامتين العربية و الاسلامية . ان هذا الهدف الاستراتيجي للعدو تضمنته وثيقة القرن الامريكية المعروفة باسم " الاستراتيجية الامريكية للامن القومي " عندما نصت علي " .... ان عهد التعادل مع امريكا من قبل دولة او كتلة من الدول قد ولى الى غير عوده ... و ان على الولاياتالمتحدة وحدها ان تحدد النظام العالمي .. و يجب ان تكون الاقوى دائما لمنع اعداء محتملين من تحدي سياساتها العسكرية و تفوقها " . كما تحدثت الوثيقة عن " توسيع دائرة البنية التحتية من خلال فتح المجتمعات و بناء البنية التحتية للديمقراطية " .... هكذا تتحدث الوثيقة عن : 1- القوة الامريكية التي يجب الا تعادلها قوة اخرى . 2- هذه القوة لها وحدها تحديد مصير العالم . 3- بالتفكيك تحت مسمى الديمقراطية ، اي تفكيك المجتمعات و العودة بها الى مراحلها العشائرية و القبلية و العرقية و ذلك بغطاء الديمقراطية ، فاذا كان المعنى الصحيح للديمقراطية انها منهاج للتطور و التقدم فانها اصبحت في العرف الامريكي طريقا للهدم و التخلف و العودة للوراء، انها اصبحت منهجا لهدم الدول العربية و الاسلامية . و بتفصيل اكثر تحدثت الوثيقة الصهيونية الصادرة سنة 1982 عن المنظمة الصهيونية العالمية و جخاز مخابرات الكيان الصهيوني ، تحدثت عن تفتيت الامة العربية و عمقها الاسلامي .. فتحدثت عن تفتيت المشرق العربي .. تحدثت عن تفتيت لبنان و سوريا و الاردن و العراق و السعودية و اليمن و العراق ، و تحدثت عن تفتيت السودان و مصر و ليبيا و تونس و الجزائر و المغرب .. ثم افردت فقرة عن تفتيت العمق الاسلامي في تركيا و ايران و باكستان و افغانستان .. و بالاضافة لهاتين الوثيقتين فان هناك العديد من الدراسات و الوثائق و الاحاديث التي تصب في خانة التفكيك صادرة عن معاهد استراتيجية امريكية صهيونية تعد من اليات صناعة القرارات الاستراتيجية للادارة الامريكية و الصهيونية .. و قد تحدثت عن هذه الوثائق الامريكية و الصهيونية المعادية العديد من مراكز الدراسات الاستراتيجية العربية و على رأسها المركز الاستراتيجي لصحيفة الاهرام و عرضها و انتقدها بدرجة كبيرة من التفصيل ، حتى تكون "الحقيقة المرة " امام اعين الحكام العرب فيأخذونها في الاعتبار. انبثق من هذا الخط الاستراتيجي الرئيسي " التفتيت " اجمالا أربعة خطوط استراتيجية فرعية : 1- خط الغزو المباشر تحت العديد من الدعاوى الكاذبة معتمدة بشكل رئيسي على فاعلية التجزئة في الواقع القومي العربي و من ثم مساندة الحكام العرب كل حسب طاقته و قدرته في عملية الغزو و في الحقيقة ان الغالبية العظمى منهم ساهموا في التخطيط و التنفيذ مساهمين بالارض و القوات و المعدات في احتلال الارض العربية و هدر كرامتها و شرفها ..ان هؤلاء الحكام كانوا و لايزالون اعضاء بارزون في التحالف الدولي المعادي للامة بقيادة امريكية صهيونية ، حتى و لوكان هذا التحالف ينفذ استراتيجية انهاء الوجود العربي بتفتيت الدول العربية ذاتها ، و هنا ادعوا الشباب العربي كي يفكر و يتدبر ما حدث في العراق منذ عام 1990 من القرن الماضي و حتى الان ، و ما حدث في لبنان و محاولات الدول العربية طعن حزب الله في الظهر ثم محاولاتها امتصاص و احتواء انجازاته الاستراتيجية ، و على الشباب العربي ايضا ان يتدبر ما يحدث في فلسطين من اشتراك الدول العربية في فرض الحصار الشامل على الشعب الفلسطيني لاجبار حماس بشكل خاص و بقية منظمات المقاومة الفلسطينية بشكل عام على التطويع و الانصياع لخطط تحالف دول التجزئة العربية و نظمها و التحالف الامريكي الصهيوني .. و ليتدبر الشباب العربي كذلك بتمعن ما يحدث في الصومال و السودان ، ان هدف ما يحدث في كل هذه الاقطار العربية هو انجاز عملية التفكيك و الهدم ...و لذلك فانني ادعوا الشباب العربي الى عدم الانشغال بالفرعيات التي قد يشغلنا بها العدو ، و تركيز انتباهه الى ان العراق و لبنان و السودان و الصومال ما هي الا محطات على طريق تفكيك الامة العربية . 2- خط التفكيك بالديمقراطية ... و يرتكز هذا الخط الامريكي الصهيوني في التفكيك على ثلاث ركائز : الاولى.. موالاة الحكام العرب للحلف الاستعماري الصهيوني . والثانية ...خلل وضعف الدولة القطرية و أجهزتها نتيجة لعجزها عن تحقيق التقدم و حل المشكلات الرئيسية للمواطنين العرب فيها . و الثالثة... استبداد النظم العربية مما يجعلها في حالة عداء مع الشعب العربي , الحقيقة أن هذه الركائز الثلاث تشكل معا حالة وهن الوضع العربي الراهن , إن حالة الوهن هذه هي نتيجة طبيعية لإفتقاد الأمة الواحدة لدولتها الواحدة و تفتيتها بين العديد من الدول , و هذه الحالة تشكل أرضية لكي يفعل العدو بأمتنا ما يريد ,لانه عندما يفتقد الناس في أمتهم المجزأة حماية دولتهم القومية المفتقدة فأنهم يصيرون نهبا لنوازعهم الشعوبية و العشائرية و القبلية من ناحية و للاهداف الاستعمارية الصهيونية من ناحية اخرى.. و ما يجب الالتفات اليه انه امام صمود فصائل المقاومة العربية في الدول العربية فانه قد حدث تعانق بين الدعوة الامريكية المزيفة للديمقراطية و استبداد النظم العربية، و من الامثلة التي توضح ذلك ما حدث في الجزائر ( الانقلاب على الجبهة الاسلامية ) و ما يحدث في فلسطين ( حصار حماس و اضعافها لحساب محمود عباس ) ، و ما حدث في لبنان ( حصار لحود الرئيس المنتخب لحساب حكومة السنيورة العميلة ) ، و ما حدث في مصر لحساب النظام الاستبدادي و الفاسد و على حساب المعارضة و على رأسها التيارين الاسلامي و القومي الاسلامي ( حزب العمل ) . 3- التفكيك بما يسمى تحديث الخطاب الديني .. و قاعدة هذا الخط هو اضعاف و انهاء العروبة و القومية بتفريغ الخطاب الديني من محتواه الجهادي سواء جهاد الداخل او جهاد الخارج و ذلك تحت مسميات مقاومة الارهاب و الاعتراف بالاخر و المقصود هو الرضا بالاحتلال و الاغتصاب ، و كذلك افتعال التناقض بين العروبة و الاسلام .. الهدف هو احداث الخلل في روح الامة و سيكولوجيتها ، فاذا كان الاسلام هو باني الامة العربية و موحدها فليكن الان بأمركته اداة هدم هذه الامة ... و الحكام العرب يتسابقون في التقرب الى العدو بمحاربة الاسلام و القوى الاسلامية و القومية الاسلامية . 4- التفكيك عن طريق تغيير مناهج التعليم .. و بالتحديد تغيير مناهج المواد الاجتماعية و اللغة العربية .. و استبدال المناهج القائمة بمناهج فارغة تطمس هوية الامة و تضربها في وحدتها . هذه هي اذن مستنقعات الهزيمة و الخيانة في الواقع العربي : (1) موالاة العدو و محالفته . (2) الارتباط استراتيجيا بالعدو.(3) الارتباط العضوي بين ديمقراطية التفكيك الامريكية و بين الاستبداد . (4) الترابط العضوي بين الدعوة الامريكية لتحديث الخطاب الديني و تغيير مناهج التعليم و التبعية الفكرية و الثقافية للعدو الامريكي الصهيوني ... و الواقع ان هذه الخطوط الاربعة تشكل معا حالة الموالاة في الواقع العربي حيث ان معظم الحكام العرب و نخب سياسية عديدة في امتنا العربية غارقة تماما في هذه المستنقعات التي تستهدف وجودنا كله. [email protected]