تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية في مصر على زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى البلاد، وانضم نواب البرلمان ونقابتا الصحفيين والمحامين وحزبا التجمع والناصري وطلاب جامعة الإسكندرية إلى طابور الوقفات الاحتجاجية. وقد زاد من اشتعال الاحتجاجات، المجزرة الصهيونية في غزة التي خلفت 23 شهيدا وأكثر من50 جريحاً، واعتبرها المحتجون المصريون ترجمة حقيقية للضوء الأخضر الذي منحه بوش للصهاينة أثناء جولته بالمنطقة. وبدأ نواب المعارضة والنواب المستقلون أمس بوقفة احتجاجية داخل مقر البرلمان المصري ضد الزيارة، معلنين رفض الشعب المصري لها ولما تنطوي عليه من إهانة للعرب والمسلمين بعد تصريحات بوش الأخيرة التي أسقط فيها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وأقر فيها بيهودية إسرائيل. وانضم عدد كبير من المواطنين إلى الوقفة، وتظاهروا أمام مبنى البرلمان المواجه لمقر مجلس الوزراء، مرددين هتافات منددة بالرئيس الأميركي وبالقيادة المصرية التي وافقت على استقبال هذا المجرم بالتزامن مع مجزرة حي الزيتونة في غزة وعلى بعد خطوات من مقر البرلمان، نظم حزبا التجمع والعربي الناصري تظاهرة بميدان طلعت حرب بوسط القاهرة تنديدا بالزيارة وبالعدوان الصهيوني على غزة، وأكدوا فيها رفضهم استقبال مصر لمجرم الحرب وطالبوا الحكام العرب بعدم الاشتراك مع الأمريكيين في ذبح شعبي العراق وفلسطين. وفي نقابة الصحفيين، نظمت لجنة الحريات مؤتمر صحفيا ووقفة احتجاجية ضد زيارة بوش، وطالب مقرر اللجنة محمد عبد القدوس بعدم السماح له بدخول البلاد، ومحاكمته بصفته مجرم حرب على الجرائم التي ارتكبتها القوات الأميركية في العراق وأفغانستان، ودعم إدارته الكامل لجرائم الصهاينة بحق الفلسطينيين. أما نقابة المحامين، فنظمت وقفة احتجاجية أمام النقابة شارك بها العديد من ممثلي القوى الوطنية في مصر، وندد المشاركون فيها بالسياسات الأمريكية في الشرق الوسط المنحازة للكيان الصهيوني . ورفع المتظاهرون لافتات تندد بالرئيس الأمريكي، وحملوه المسؤولية كاملة عن إراقة الدم العربي في العراق وفلسطين، وعن تدهور الوضع في الأراضي اللبنانية ومحاولة تخويف سوريا ولبنان، وحذروا من تأثير ذلك على استقرار وأمن المنطقة. مظاهرات ضد بوش في الإسكندرية وفي الإسكندرية ، نظم عدد من المحامين وأعضاء النقابات المهنية المختلفة والأحزاب على مستوى المحافظة، وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة الحقانية بالمنشية وسط المدينة احتجاجا على الزيارة. وندد المشاركون فى التظاهرة بالسياسات الأمريكية فى المنطقة، وحملوا لافتات تؤكد دعمهم لنضال الشعب الفلسطيني ووقوفهم مع الشعب العراقي فى محنته، مطالبين بانسحاب القوات الأجنبية من العراق، وعبروا عن رفضهم سياسات واشنطن في أفغانستان وفلسطين والسودان، وإقامة دولة دينية يهودية على جثث الفلسطينيين. كما نظم طلاب جامعة الإسكندرية وقفة أمام المجمع النظري بالشاطبي، رفعوا فيها اللافتات التي تندد بالزيارة نتيجة السياسات الأميركية المزدوجة في المنطقة. وعلى عكس عادته، لم يتدخل الأمن المصري لمحاصرة هذه الاحتجاجات أو التضييق على المشاركين بها، واكتفى بمراقبتها عن بعد. مما دفع ببعض المراقبين إلى تفسير هذا الأمر بأنه تعبير عن مباركة غير رسمية من قبل النظام المصري لهذه الاحتجاجات على خلفية التوتر الملحوظ في العلاقات بين القاهرةوواشنطن بسبب ملفي الإصلاح وتهريب الأسلحة عبر سيناء إلى غزة، وهما الملفان اللذان تسببا في تعليق الكونجرس للمائة مليون دولار من المساعدات الأمريكية. والتقي اليوم الرئيس المصري حسني مبارك مع نظيره الأمريكي جورج بوش في منتجع شرم الشيخ في ختام جولته إلى المنطقة . وذكرت مصادر مطلعة أن الوقت المخصص للقاء الرئيسين لم يتجاوز الثلاث ساعات، مما يعكس توتر العلاقات بين البلدين،و التي وصلت لحد استخدام واشنطن سياسة عقابية بتجميدها جزءا من المعونة العسكرية للقاهرة. وقالت المصادر أن الرئيس مبارك عقد مع ضيفِه الرئيس بوش مؤتمرًا صحفيًّا مقتضبًا في شرم الشيخ، شدَّد فيه مبارك على المصلحة المشتركة التي تربط بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية، والعلاقة الإستراتيجية بين الدولتين، وتأكيد مصر عزمَها على دعم السلام العادل الشامل والدائم، الذي يُنهي الصراع الصهيوني العربي، فيما خصص بوش خمس دقائق أو عشر فقط لإلقاء بيان مقتضب أمام الصحفيين. وذكرت مصادر مصرية أن جانبًا من المحادثات تناول العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة، مثل عملية السلام والعراق ولبنان والملف النووي الإيراني، ويرى مراقبون أن هذا الوقت القصير للزيارة التي لم تستمر أكثر من ثلاث ساعات قد لا يسمح بمناقشة معمَّقة لأوضاع المنطقة، إضافة إلى الموضوعات المرتبطة بالعلاقات الثنائية، مثل ملف الإصلاح في مصر. جديرٌ بالذكر أن الفتور قد اعترَى مؤخرًا العلاقاتِ الرسميةَ بين القاهرةوواشنطن، خاصةً بعد قرار الكونجرس الأمريكي الشهر الماضي تعليق 100 مليون دولار من المساعدات السنوية الأمريكية المخصصة لمصر، وهو الشيء الذي أكدت مصادر دبلوماسية مطلعة أن الرئيس مبارك سيتناوله، منتقدًا اللهجة العالية ضد مصر في الكونجرس. وكانت جولة بوش- التي استغرقت ثمانية أيام- قد شملت الكيان الصهيوني والكويت والبحرين والإمارات والسعودية، وركَّز بوش خلالَها على هدفين، هما: التصعيد ضد المقاومة الفلسطينية، والهجوم على إيران.