في شهر فبراير سنة 1951 نقلت الأنباء أنه حدث تصدع في 16 عاموداً من أعمدة الحرم النبوي الشريف في المدينةالمنورة.. وحرصاً من مصر علي تحقيق كل تعاون مع المملكة العربية السعودية.. عقد مصطفي النحاس باشا اجتماعاً لمجلس الوزراء ناقش فيه موضوع تصدع الأعمدة في الحرم النبوي. وكيفية التعاون مع المملكة في إصلاح الأعمدة. وفي هذا الاجتماع صدر قرار بفتح باب التبرع أمام المصريين لإصلاح أعمدة الحرم.. وبالفعل انهالت التبرعات بصورة مكثفة من أفراد الشعب وامتلأت الصحف بتسجيل أسماء المتبرعين ومقدار تبرعاتهم.. كانت هناك علاقات وثيقة بين قادة البلاد في مصر والمملكة السعودية. وأيضاً بين الشعبين. كما قام الملك فاروق بعدة زيارات للمملكة السعودية.. كذلك كان يفعل الملك عبدالعزيز. ولكن وكيل ديوان قصر الملك فاروق فوجئ بالأمير فيصل وزير خارجية المملكة السعودية يطلب أن يلتقي به.. وبالفعل توجه حسين يوسف "وكان يشغل هذا المنصب" إلي الفندق. حيث أخبره بأن جلالة الملك عبدالعزيز مع تقديره لمشاعر المصريين وأريحتهم وحرصهم علي إصلاح أعمدة الحرم النبوي الشريف.. فإن جلالته لا يستسيغ جمع تبرعات لتغطية نفقات هذا الإصلاح. وأضاف الأمير فيصل إن السعودية ترحب بخبرة المهندسين المصريين في هذا السبيل علي أن تتحمل خزانة المملكة السعودية جميع النفقات. وبالفعل استجاب الملك فاروق لهذه الرغبة وأشار إلي ضرورة تنفيذ كل ما يطلبه وما يريده جلال الملك. وأقر النحاس باشا برد التبرعات إلي أصحابها وقام عثمان محرم باشا وكان وزيراً للأشغال بتشكيل لجنة فنية برئاسة مصطفي فهمي باشا كبير مهندسي القصور الملكية وأستاذ جيل الهندسة المعمارية. وتوجهت اللجنة إلي المدينةالمنورة. حيث قاموا بعملية الإصلاح التي استغرقت عدة سنوات. وهكذا كانت العلاقات بين مصر والسعودية قوية متينة. تقوم علي الحب والتفاهم والتعاون.. ولم تفتر العلاقات بين البلدين إلا مرات قليلة.. بعد أن تولي جمال عبدالناصر الرئاسة. حيث تعرضت العلاقات لزوابع عاتية استمرت سنوات.. ولكنها لم يصحبها أي تجاوزات.. وكذلك قطعت العلاقات عندما وقع الرئيس السادات معاهدة كامب دافيد مع إسرائيل. ولكن كان للملك فيصل ملك السعودية أثناء حرب 6 أكتوبر موقفاً رائعاً. حيث قال للمهندس سيد مرعي مبعوث الرئيس السادات: "ما هو موقف مصر الاقتصادي حالياً.. والذي تحتاجونه؟!.. إننا نلبي رغباتكم. فقد رفعتم رأسنا عالياً.. رفعتم رأس العرب كلهم.. ولبي الملك بالفعل كل ما طلبته مصر. وفي المقابل لبت مصر رغبة المملكة. حيث أوفدت إليها آلاف من الأيدي العاملة في مختلف المجالات. وطبيعي أنه كلما زاد عدد العاملين في مكان ما أو في دولة ما.. فإن المشاكل تتزايد. ولكن مهما تكن المشاكل فإن حلها لا يكون بالأساليب العنيفة.. والبذيئة.. قد تكون هناك مظاهرات واعتصامات واحتجاجات. ولكنها لا يجوز أن تكون مصحوبة بالتجاوزات والسباب. ومهما كانت الأمور صعبة. فإن حلها لا يأتي إلا بالتفاهم. وحسن المعاملة والعدالة والبعد عن تصعيد الخلافات.