العلاقات بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية علاقات قوية ومتينة تضرب بأعماقها في التاريخ. ولا يمكن أن تهزها حوادث طارئة تجري هنا أو هناك. وقد وعي هذه الحقيقة الملك عبدالعزيز رحمه الله حيث يروي ابنه الملك فيصل ان والده الملك عبدالعزيز ابناءه بمصر فقال: الزموا مصر فإن فيها الخير كله.. وهذا الخير ينالنا منه نصيب كبير. أو كما قال. وهذه الوصايا وعاها كل أبناء الملك عبدالعزيز ولم يفرطوا فيها حتي أن الملك سعود بن عبدالعزيز عندما أخرجه أخوته من المملكة لم يقصد إلا إلي مصر حيث لجأ إليها وعاش فيها مستمتعاً بحريته يستقبل من يشاء ويتحدث مع من يشاء ولم يجد أي حرج في التعبير عن خواطره وارائه في الحياة الاجتماعية. والحياة السياسية والعلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية. وقد عرفت مصر كرم ضيافتها لزوارها من اللاجئين إليها بعد أن فارقوا مراقدهم الأولي وجاءوا إلي مصر يعيشون حريتهم كاملة ويتلقون من فيضها ما يعوضهم عن خسائرهم في بلادهم التي فارقوها. ومن هنا فإن كل قادم إلي مصر ممن فارقوا ديارهم يستريح راحة كاملة بين أخوة له يعيش في رحابهم ويغدقون عليه من خيرات الله في بلادهم. وهذا أمر طبيعي بين جمهورية مصر العربية وحكومة المملكة العربية السعودية. فقد عاش الشعبان وقواتهما في عزة مشتركة ورخاء متكامل. وأن كاتب هذه السطور ليذكر حين كان في زيارة للمملكة السعودية منذ أعوام طويلة أن سائق السيارة التي كان يتنقل بها مر من أمام مبني كبير فخم وقال: هذه هي التكية المصرية. لقد جئت إليها منذ سنوات بعيدة وأخذت منها الملابس لكسوتي وتناولت فيها الطعام المطهو الساخن والوجبات الجافة الباردة وكان السائق يقول ذلك بلهجة طبيعية ليس فيها افتعال ولا تصنع. وإذا كانت التوسعات في الحرم المدني قد امتدت إلي موقع هذه التكية فأزالت بناءها وامتدت أرض التوسعات في موقعها فإن التاريخ لا ينسي ذلك. كما أنه لا ينسي موقع السبيل المصري الذي كان يتوافد عليه أبناء المملكة وحجاج بيت الله الحرام يشربون من مائه العذب حتي يغمر الري كل من غدد أجسامهم فترتوي وتنتعش وتشعر بالحياة تسري في أوصالها. وقد تغير اسم التكية الآن فأصبح يحمل عبارة "مقر وزارة الأوقاف المصرية" وإذا كان الزمن قد طوي هذا البناء الضخم وسواه بالأرض للتوسعات التي جرت في أرض الحرمين الشريفين فإن التاريخ لايزال يذكر ذلك ولا ينساه. بل إن بعض الأمراء السعوديين ممن تعلموا في المدارس المصرية ليذكرون ذلك جيداً ويذكرون وسائل المواصلات إلي الأماكن التي كانوا يتخذونها منتديات لهم يتحدثون فيها مع المصريين ويذكرون الأيام والليالي التي قضوها في رحابها ووجوههم يملؤها البشر والفرحة وما حدث في الأيام الأخيرة لا يمكن أن يعكر صفو هذه العلاقات ولا أن يزيل أثارها من النفوس. ولذلك ستبقي العلاقات بين مصر والمملكة السعودية قوية معطاءة تنشر الخير في جميع ربوع الأمة الإسلامية انطلاقاً من أروقة الجامع الأزهر والرحاب الواسعة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة.