كان يجب علي الإخوان المسلمين بعد وصولهم إلي البرلمان بهذه الأغلبية ان يدركوا انهم لن يستطيعوا تحقيق طموحاتهم والوصول إلي السقف الأعلي منها بالحصول علي منصب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وصناعة الدستور في ضربة واحدة والسبب في رأيي انهم لم يضعوا في حسبانهم ان في مصر موسسة هي الأقوي وهي المؤسسة الحاكمة والتي تمثل صمام الأمان لمصر المستهدفة التي ستظل في رباط إلي يوم القيامة. اعتقد ان الإخوان يدركون تماما ان المؤسسة العسكرية هي التي حمكت مصر علي مدي ستين عاما وان أي محاولة لتقليص دورها حتي بعد الثورة لن يحدث ولن يكون في صالح مصر أو في صالح الثورة نفسها وإذا كانت القوي الليبرالية الموجودة علي الساحة حالمة بعض الشيء فاعتقد ان الإخوان بالذات يجب ألا يعيشوا في حالة حلم لأنهم الآن علي أرض الواقع ويمسكون وحدهم بطرف الحبل في مقابل موسسة عسكرية حاكمة راسخة قوية معتبرة لدي المصريين ولدي العالم ولا يوجد أمامهم إلا حل واحد هو الحل العقلاني الذي يقدر موازين القوي ويحترمها ووقتها فقط ستسير الأمور علي ما يرام وستدفع العجلة إلي الأمام. يخطئ من يتصور ان المؤسسة العسكرية المصرية الوطنية التي تحملت أمانة البلاد بعد تنحي مبارك ستسلم مصر إلي المجهول فهذه أول تجربة ديمقراطية لمصر بعد 60 عاما ولا يمكن ان تسلم البلاد علي المفتاح للإخوان أو غيرهم فمصر بلد كبير وأكبر مما يتخيلوا وقوته الإقليمية نابعة من قوة جيشه وموسسته العسكرية التي اتخيل دائما انها ستكون راعية وداعمة للديمقراطية ولكل تغيير سياسي سيحدث في مصر. لا اعتقد ان هذه المؤسسة الأقوي غير مخلصة لثورة الشعب بل هي مقدرة لها وإلا ما سمحت من البداية إلي انتخابات حرة نظيفة أتت ببرلمان أغلبه من التيارات الدينية وهي في رأيي مستعدة لإكمال المسيرة وتسليم السلطة للمدنيين بما فيها كرسي الرذيس واستفتاء علي دستور للبلاد ولكن هناك ثوابت وتقديرات مصيرية وسياسية وأمنية يعرفها الإخوان وغيرهم تستدعي ان تكون المؤسسة العسكرية لاعب مهم وأصيل وحاكم أيضا في مصر الجديدة. اتصور ان جماعة الإخوان باتت تدرك الآن ان حكم مصر ليس نزهة وان صناديق الانتخابات ليست هي تذكرة المرور الوحيدة وبالذات في هذه المرحلة الفاصلة الحرجة التي تمر بها مصر وعلي اللاعبين والمفكرين داخل الجماعة إذا كانوا يحملون الخير لمصر فعلا ان يستوعبوا دروس التاريخ وان يقدروا الظرف التاريخي الأني وان يقدروا حرص المؤسسة العسكرية التي تمسك بزمام الأمور علي رغبتها بالخروج بمصر من هذه الأزمة بسلام وأمن مع خلق جو من الاستقرار الداخلي والخارجي لا يهز مصر من جديد أو يخلق الفتن والحروب الداخلية فيها. باختصار قوة الإخوان التي يرتكزون عليها في الشارع لن تعفيهم مطلقا من ضرورة الالتقاء الحتمي مع المؤسسة العسكرية لرسم خريطة مصر ما بعد مبارك لأن البديل هو الصدام والخاسر فيه قبل الإخوان هو الوطن.. وأنا شخصيا لا أعتقد ان الإخوان سيندفعون نحو الصدام ولكن سيذهبون نحو التوافق من أجل الخير لمصر.