فوجئت بخبر نشرته إحدي صحفنا اليومية. الثلاثاء الماضي. يقول إن وزارة خارجيتنا "الرشيدة" طلبت من محمود فوزي أبودنيا سفيرنا في قطر. عدم استقبال وزير الخارجية محمد كامل عمرو لدي وصوله إلي الدوحة لحضور اجتماع اللجنة العربية حول الأزمة السورية والذي عقد في اليوم التالي لنشر الخبر! وقد أفزعني هذا الموقف من وزارة يفترض أنها وزارة سيادية وتلتزم النهج الدبلوماسي في تعاملاتها. حتي مع الدول التي يوجد بيننا وبينها خلافات.. فما بالنا إذا كان الطرف الآخر هو أحد موظفي الوزارة وبدرجة سفير؟! وسبب الموقف المتعنت من جانب الوزارة حيال سفيرنا في قطر.. أنه قام بإعداد مذكرة يتهم فيها بعض كبار المسئولين في الوزارة بارتكاب جرائم إهدار المال العام. ورفعها إلي رؤسائه.. لكن الوزارة رفضت إبلاغ النائب العام عن هذه الجرائم "!!" وأمام هذا الرفض اضطر السفير إلي كشف الموضوع أمام وسائل الإعلام وشاع الأمر! وقالت صحيفة "الأخبار" نقلاً عن مصادر وصفتها بأنها "مقربة من السفير" إن وزير الخارجية يتوعده بالانتقام ويجهز له "مفاجأة غير سارة".. وأن السفير يستغيث بالمجلس العسكري ومجلس الوزراء ومجلس الشعب لحمايته من الوزير ومساعديه..!! وتقول الأنباء: إن مذكرة السفير تشير إلي مساندة الوزارة للمخالفين. حيث تركت أحدهم يجلس في بيته متغيباً عن العمل لمدة أربعة أشهر دون إذن ويتقاضي مرتبه بآلاف الدولارات من أموال الشعب ودون أن يحضر للسفارة ودون أن يقوم بأي عمل.. وأن الوزير ومساعديه تستروا علي زواج مستشار السفارة السابق من أجنبية بما يخالف قانون السلك الدبلوماسي!! والحقيقة أنني لا أري مبرراً لما تقوم به الوزارة حيال السفير ولا أري مبرراً للتستر علي أية جريمة ترتكب في أي موقع من مواقع العمل الرسمية.. هذا من جهة.. وفي المقابل فإن ما قام به السفير يستحق التحية والتقدير وليس التعنت والقهر والانتقام. ما الذي يمنع الوزارة من إحالة الموضوع برمته للنيابة العامة أليس في ذلك إحقاق للحق؟! فإذا كانت الاتهامات التي ساقها السفير صحيحة يتم معاقبة المخطئين.. وإذا كانت غير صحيحة وكان الاتهام علي غير أساس يعاقب السفير! ولا أعتقد أن سفيراً سوف يغامر بمكانته ومنصبه لمجرد أن يوجه اتهامات كاذبة لمرءوسيه. الأمر الذي يضفي قدراً من المصداقية علي المذكرة التي رفعها إلي الوزير والتي كان مصيرها الإهمال والتجاهل.. كما أن إقدام السفير علي الحديث العلني حول تلك المذكرة يزيد من احتمالية مصداقيتها.. الأمر الذي يثير المزيد من علامات الشك والارتياب حول موقف الوزارة. ثم يبقي السؤال: هل "الوزارة علي رأسها بطحة" مما جعلها تطلب من السفيرعدم استقبال وزير الخارجية في الدوحة مع أن ذلك يعد من صميم عمله الدبلوماسي؟! أم أن سياسة القهر والاضطهاد مازالت قائمة ومتبعة ضد كل من تسول له نفسه كشف أوجه الانحراف والفساد في أي موقع من مواقع العمل؟! الواجب علي وزارة الخارجية.. الالتزام بالشفافية والوضوح والبعد عن الأساليب القديمة في التعامل مع القضايا المهمة والحساسة خصوصاً إذا كانت هذه القضايا تمس وزارة الخارجية التي هي مرآة مصر أمام العالم وينبغي أن تبادر الوزارة بإصلاح ما اعوج فيها وأن تكافئ كل من يسعي إلي تبصيرها بمواضع الخلل وأوجه القصور! ** أفكار مضغوطة: "الهوي يفسد الفكر ويقطع الطريق علي العقل.. وهناك فرق بين الرأي والهوي". "د .أحمد كمال أبوالمجد"