استقبلت العاصمة التونسية وفوداً وخبراء لمجموعة الدول العربية بشمال إفريقيا وحوض نهر النيل والشرق الأوسط في اجتماع موسع علي مدار 48 ساعة لبحث الأوجاع والمعوقات للاقتصاد الأخضر ومناقشة الآفاق والتطلعات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة.. وذلك بحضور عدد من ممثلي المؤسسات العالمية المعنية بشئون البيئة والتنمية وبتنظيم من مكتب مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية بالقاهرة. وفي بداية فعاليات اللقاء أعلن توك كلاوس سفير ألمانيا بتونس أن عام 2011 يعد مرحلة تحول خطيرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.. وذلك بعد أن شهدت بعض الدول الواقعة في هذا الإطار الجغرافي زلازل سياسية ذات تأثيرات عميقة علي المواطن العربي.. فكثير من شباب هذه البلدان يحمل اليأس وتشغله فكرة عدم المساواة والعدالة بسبب الأنظمة السائدة. وأشار كلاوس إلي أن مؤتمر الأممالمتحدة للتنمية المستدامة "ريو « 20" في 2012 يقدم فرصة للوصول إلي اتفاقية حول نمط الاقتصاد الأخضر لصياغة مواقف مشتركة يصدق عليها المجتمع المدني نحو الأهداف الاجتماعية والبيئية والتنموية. أما د.اليزابيث براون ممثلة منظمة فريدريش ايبرت فقد أكدت علي ضرورة تحقيق العدالة وتذويب الجليد بين الفقراء والأغنياء مسئولية الأجيال المختلفة بين عدة خيارات ديمقراطية.. موضحة أن منظمة الأممالمتحدة في عام 1983 سبق وأن أكدت علي ضرورة التعاون مع الشعوب النامية.. وانطلاقاً من ريو 1992 تم اتخاذ حماية البيئة ممراً لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وصولاً للتنمية المستدامة. وأشارت إلي أن مكاتب مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية في 110 دولة بالعالم تعمل وتساهم جميعها في دفع عجلة التنمية المستدامة في هذه الدول.. مؤكدة علي ضرورة تجاوز مختلف الصراعات الدولية لأن القضايا الملحة عديدة وتهدد الكرة الأرضية ومن عليها. وأكد خبراء التنمية وممثلو المنظمات العالمية والإقليمية خلال اللقاء علي ضرورة التكاتف الدولي وإبرام شراكات بين القطاعات العامة والخاصة والمجتمع الدولي بمختلف الدول من أجل الوصول إلي الاقتصاد الأخضر.. وفي هذا السياق اتفق كل من فريد بو شاري ممثلاً عن اليونيب وريكاردو ميسيانو ممثل الاسكوا وعبدالسلام نجازي رئيس المنظمة المغاربية علي ضرورة حل المشاكل العالقة ذات الأولوية مثل الموارد المائية ونقص الغذاء.. واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء علي النفايات الملوثة والتوسع في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة. وقد أكد المشاركون في الملتقي علي أن هناك تراجعاً ملحوظاً في عجلة التنمية لدرجة أن الصورة في بعض الدول العربية ماتزال قاتمة!! حيث تساءلت الإعلامية راندا فؤاد رئيس المنتدي العربي الإعلامي للبيئة والتنمية إلي أين وصلت مشروعات مكافحة الفقر والبطالة وتوفير فرص تشغيل الشباب؟! وطالبت راندا بضرورة التعامل مع المفاهيم الحديثة وتوفير مساحة إعلامية كبيرة في مختلف وسائل الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع لعرض سبل تحقيق التنمية المستدامة باعتبار أن الإعلام سيكون صاحب دور رئيسي خلال المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة حالياً. وشدد د.وحيد إمام رئيس الاتحاد النوعي للجمعيات الأهلية المصرية المعنية بالبيئة علي أهمية دعم المجتمع العربي مادياً وفنياً حتي يتسني له القيام بأدوار ايجابية تدعم الاقتصاد الأخضر ومشروعات التنمية المستدامة.. مع التركيز والبداية بالمشروعات الصغيرة التي تستطيع أن تحقق عائداً سريعاً. وطلب د.محمد عبدالرءوف ممثل مركز الخليج للأبحاث بتحديد الالتزامات الواجبة علي الدول الغنية المنتجة للبترول لتحقيق التنمية المستدامة.. مع دعم المجتمع المدني مادياً وفنياً والتصدي لقضايا الفساد والاستجابة لمتطلبات وحقوق الإنسان. وأكد د.عزت عبدالحميد خبير البيئة والتنمية علي ضرورة حل المشاكل المتعلقة بالنواحي المالية للانتقال للاقتصاد الأخضر.. وكذلك لابد من نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلي الدول النامية.. خاصة أن الفارق بين الاقتصاد الأخضر والاقتصاد التقليدي كبير جداً.. فالاقتصاد الأخضر معني بإنتاج السلع البيئية دون تكلفة عالية مع تخفيض نسبة المخاطر البيئية. وأشار عاصم عثمان ونهلة بكري من الحزب المصري الديمقراطي إلي ضرورة إبرام شراكات شبابية صغيرة تعمل في مجالات الاقتصاد الأخضر بدعم وإشراف من الاتحاد الأوروبي.. خاصة أن تحقيق الاقتصاد الأخضر سيحسن أحوال البشر ويقود إلي العدالة الاجتماعية.. وسيتصدي للمخاطر الطبيعية المرتقبة والتي بدأ العالم يشهد بشائرها مؤخراً.. وأهمها ظاهرة التغييرات المناخية. وقد شهدت جلسات المؤتمر عدة حوارات فعالة حول المرحلة الانتقالية التي تعيشها عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط.. وكان أبرز ما توصلت إليه هذه الحوارات والمناقشات.. هو تشجيع الحكومات وصناع القرار علي الاتجاه نحو الصناعات الصغيرة الصديقة للبيئة.. مع وضع حوافز ايجابية لمن يعمل في مجالات الاقتصاد الأخضر مثل تقديم إعفاءات جمركية أو ضريبية.. علاوة علي دمج مفهوم الاقتصاد الأخضر في العملية التعليمية بالمدارس والجامعات حتي يمكن للصغار الوعي بهذا المفهوم.. بالاضافة إلي دعم دور المرأة في مشروعات التنمية من خلال العمل المنزلي غير مدفوع الأجر.. وأيضا تخصيص دوائر قضائية للفصل في المخالفات والانتهاكات البيئية وإقرار مبدأ علي الملوث أن يدفع الثمن من خلال فرض عقوبات مالية وجنائية إذا لزم الأمر. كما أوصت الجلسات بدعم الدور الرائد لوسائل الإعلام باعتبارها محركاً هاماً يساعد في النهوض بالعملية التنموية.. وخاصة في المجتمعات البدائية.. مع الاستعانة بالفن والدراما لترسيخ مفهوم الاقتصاد الأخضر داخل عقول المواطنين. * أنغام موسيقي السامبا العالمية كانت الفواصل بين بداية ونهاية جلسات العمل في مجموعات النقاش المشكلة من مختلف الدول المشاركة. * الإعلامية راندا فؤاد ترأست مائدة مستديرة ضمت ممثلين ل 10 دول عربية حول دور وسائل الإعلام المختلفة لتنفيذ مشروعات الاقتصاد الأخضر وصولاً للتنمية المستدامة. * الجانب المصري المشارك في الملتقي ضم مجموعة منتقاه من الخبراء والعلماء منهم د.هالة يسري ممثلة مركز بحوث الصحراء ود.مرفت بدر ممثلة المركز القومي للبحوث والمهندس عصام النجريدي مسئول البيئة والسلامة والصحة المهنية بالاتحاد المصري للنقابات المستقلة. * عقب انتهاء فعاليات الملتقي سقطت أمطارا غزيرة ذات مياه نقية وسط العاصمة التونسية وكأنها تجسد ما جاء في جلسات المؤتمر حول معني الاقتصاد الأخضر وطرق الوصول إلي تحقيقه.