أعتقد والله أعلم أن المنافسة الحقيقية علي منصب رئيس الجمهورية القادم سوف تنحصر بين السيد عمرو موسي وزير الخارجية الأسبق والأمين العام السابق للجامعة العربية وبين الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أحد الأعضاء البارزين في جماعة الإخوان المسلمين سابقاً. يأتي بعد هذين القطبين الرئيسيين الأستاذ حمدين صباحي والدكتور محمد سليم العوا.. ولكل منهما مكانة ومكانته بين الجماهير. هذا التوقع يأتي في ظل اضطراب موقف جماعة الإخوان المسلمين من الترشح لهذا المنصب.. خاصة بعد أن أعلنت عن أنها سوف تنأي بنفسها عن الدخول في هذه المعركة. ثم تراجعها وقرارها للدفع بمرشح يمثلها في هذه الانتخابات. لقد رددت وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية اسم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة كمرشح لها في انتخابات الرئاسة.. لكن الرجل بحكمته وتجربته العميقة في الحياة رفض طرح اسمه ضمن قائمة المرشحين المجتمعين عن الجماعة.. وهذا الموقف في الحقيقة يزيده احتراماً لأنه يؤكد أن كفاحه ضد النظام السابق لم يكن من أجل مغنم أو منصب يفوز به. صحيفة "الأهرام" توقعت في عددها الصادر أمس أن تدفع الجماعة أقصد جماعة الإخوان باسم الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها ليكون مرشحها للمنصب. أو تدفع باسم الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب لهذا الغرض. أعتقد أن الجماعة لن تطرح اسم الدكتور سعد الكتاتني لأن معني ذلك أن يستقيل الرجل من رئاسة مجلس الشعب وهو لم يتسلم هذا المنصب إلا منذ شهرين فقط أو يزيد قليلاً.. وإذا حدث وأقدمت الجماعة علي هذه الخطوة فإنها سوف تكون مؤشراً واضحاً علي تخبطها وعدم وضوح الرؤية لديها وتسقط الهالة التي أحطناها بها وهي أنها جماعة منظمة تدرس خطواتها بكل دقة قبل أن تقدم عليها. إنني أكتب هذه السطور قبل أن أعرف ما الذي قررته جماعة الإخوان خلال اجتماعها أمس حول موقفها من الترشيح للرئاسة.. وهل ستدفع بمرشح يمثلها من داخلها أم تعلن تأييدها لمرشح من الخارج؟! إنني مع الصوت العاقل المتزن للدكتور محمد البلتاجي عضو الهيئة البرلمانية والمكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة الذي أعلن رفضه تقدم الإخوان بمرشح رئاسي.. وعلل ذلك بعبارة بليغة لها مدلولها السياسي قائلاً: إن المشروع السياسي الذي نبتت شجرته بعد صبر ثمانين عاماً يجب ألا يتورط في حرقها. لقد طالب الدكتور البلتاجي الإخوان بالاعتراف بأخطائهم التي أسهمت في تباعد القوي الوطنية الثورية عنهم مشدداً علي أن إصرار المجلس العسكري علي بقاء الحكومة الحالية يحمله المسئولية الكاملة إزاء الأزمات التي يعيشها الوطن. إننا نرجو أن يمتد هذا الصوت العاقل الرشيد إلي الدكتور محمد مرسي رئيس الحزب ويحذو حذو زميله المهندس خيرت الشاطر ويعتذر عن عدم طرح اسمه في هذه المعمعة الرئاسية.. فإذا كانت الجماعة قد ضمنت الأغلبية في المجلسين التشريعيين.. فإن الانتخابات الرئاسية لها حسابات أخري.. وليست مضمونة بنفس القدر.. خاصة أن هناك فصيلاً كبيراً من شباب الإخوان يؤيدون الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. وليسمح لي الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة أن أقول له إنك تناقض نفسك بنفسك.. فأنت تقول إن قرارنا بطرح مرشح إخواني ليس تغييراً في وعودنا. لكن ما تمر به مصر جعلنا نعيد النظر في ذلك. ثم تقول: إننا نرفض تأييد أبوالفتوح لأنه خالف رأي الجماعة ومن يخالف رأيها فلن يعود إليها!! فها أنتم يا جماعة الإخوان خالفتم رأيكم الأول مهما كانت مبرراتكم.. ثم تأخذون علي الرجل مخالفته لكم!! لقد كان أبوالفتوح واضحاً منذ البداية.. وأنتم لم تكونوا كذلك.. وهذا يكفيه.