حضور التيارات الدينية الإسلامية مراسم تشييع جنازة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أمس أكبر دليل علي أن الشعب المصري نسيج واحد وقلب واحد.. ففقيد مصر كان صديقاً للجميع ويكن له الكل الاحترام والتقدير والحب لما له من مواقف كثيرة كانت بلسماً لرأب الصدع بين طوائف الشعب المختلفة. إن البابا كان صمام الأمان ليس للمسيحيين وحدهم. بل للمسلمين أيضاً ففي كنفه كان يشعر الكل بأن له "ظهر" يسنده في حال نشوب أي خلاف في وجهات النظر بين أبناء الشعب الواحد. فقد كان حكيماً في أقواله وأفعاله. يدل علي ذلك مآثره التي دعا فيها أبناءه ومنها "احفظوا الأمانة وأحبوا بعضكم واصنعوا الخير ولا تدعوا العالم يضلكم. ولا تتوانوا في خدمة الله. وأن تحفظوا ألسنتكم من الوقيعة. وألا تتركوا مصابيحكم تنطفئ".. ولا ننسي مقولته الشهيرة: "مصر ليست وطناً نعيش فيه. ولكنها وطن يعيش فينا". لقد أحب البابا شنودة شعبه فأحبه وبادله حباً بحب. لذلك كانت جنازة فقيد مصر مليئة بالمشاعر الوطنية الخالصة من كافة طوائف الشعب. بل والعالم أجمع. فقد حضر لمصر شخصيات عالمية لتقدم واجب العزاء في ابنها الراحل ليدل ذلك علي محبة العالم أجمع لهذه الشخصية الفريدة. نتمني أن يكون اختيار البطريرك الجديد رقم 118 خلفاً للبابا الراحل موفقاً. فالشعب المصري الآن في حاجة لقيادات حكيمة تخرج بالوطن إلي بر الأمان. خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.. كما يجب علي مختلف التيارات الدينية مسلمين ومسيحيين أن يتكاتفوا وألا يسمحوا لأعداء مصر الذين يتصيدون الفرص لدب بذور الفرقة بينهم بتشتيت وحدتهم وزعزعة استقرار البلاد. علي المسئولين في الكنيسة أن يبادروا بطمأنة الشعب الذي يشعر بالخوف نتيجة فقدانه مظلة الأمان التي كان يستظل بها تحت رعاية البابا شنودة. ويعلنون أنهم سوف يسيرون علي درب الفقيد الراحل بكل حكمة وتسامح. فالوطن للجميع والدين لله.. وعلي أبناء الشعب أن يرفضوا العصبية والتشدد ويدعور جميعاً للوحدة والتسامح بينهم. فالقرآن الكريم احترم كافة الأديان. والرسول "صلي الله عليه وسلم" أوصي بالمسيحيين خيراً.. كذلك الإنجيل حث علي نشر المحبة والتعايش مع الآخر في مودة ورحمة. رحم الله البابا شنودة. وألهم الإخوة الأقباط والشعب المصري كافة الصبر والسلوان.. و"إنا لله وإنا إليه راجعون".