"الهوجة" أفضل وصف لمشهد الراغبين في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية فقد اختلط الحابل بالنابل فهذا تربي.. والآخر مدمن بانجو وذاك عامل نظافة من الهواة الذين جذبهم البحث عن الشو الاعلامي إلي الترشح رغم عدم امتلاكهم لأبسط المؤهلات لهذا المنصب الرفيع. المتخصصون تباروا في رصد اسباب الظاهرة التي لا مثيل لها في أي دولة من دول العالم فكثرة الاعداد تعني عدم الفهم الصحيح لقدسية اللقب. قالوا لابد ان يخضع المترشح لكشف طبي ونفسي لخطورة القرارات التي سوف يتخذها علي المستوي الداخلي والخارجي ولأنها لا تتعلق بشخصه فقط ولكن ب 85 مليون شخص. أكدوا انه رغم ان شروط الترشح دستورية ولكنها لا تكفي ونحتاج إلي ضوابط اخري لا تخل بمبدأ المساواة كفرض مبلغ مادي مقابل الترشح. أوضحوا ان الصندوق الانتخابي سيفرق بين الغث والسمين وان الكثيرين منهم سوف يتراجع عن خوض السباق. * د.عمرو هاشم ربيع بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية يؤكد اننا مازلنا في مرحلة سحب الأوراق وهناك فارق بين سحب الأوراق وبين التقدم الفعلي بالأوراق ليكتسب الشخص صفة المرشح واعتقد ان من سيقومون بسحب الأوراق سوف يتجاوز عددهم الألف بكثير ولكن من سوف يتقدم بالفعل للانتخابات لن يزيدوا علي 30 أو 40 شخصا علي أكثر تقدير. اضاف لا يوجد انتخابات في أي مكان من العالم تسير علي هذا النهج ولكن كل انتخابات لها ضوابط تحكمها.. صحيح اننا قمنا بوضع ضوابط ولكن من الممكن ان يكون هناك ضوابط اخري وفي نفس الوقت لا تخل بمبدأ المساواة بين افراد الشعب مثل النص علي سداد 4 أو 5 آلاف جنيه مقابل سحب الأوراق فمثل هذا الشرط سيكون مانعا لكثير من الاشخاص إما لأنه لا يملك هذا المبلغ أو لأنه يبخل ان ينفقه وهو متأكد 100% انه لن يستطيع استكمال السباق الرئاسي. اضاف اننا بذلك نضمن الا يترشح الا من لديه رغبة حقيقية في خدمة الوطن ويمتلك بالفعل المؤهلات لذلك وايضا نضمن الا نشهد هذه الهوجة التي نراها في لجنة التقدم للانتخابات الرئاسية فهناك من يذهب بشبشب أو بجلباب ومع احترامي لهؤلاء يجب ان يكون هناك توقير واجلال لمنصب الرئيس وليس لشخص بعينه لأن رئيس مصر القادم سيواجه بالكثير من التحديات فعلي الأقل لابد ان يكون ملما بالاحداث الداخلية والخارجية وحاصلا علي مؤهل علمي لا يقل عن المستوي الجامعي. المعايير لا تكفي * د.غادة موسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: السؤال الذي يطرح نفسه هو هل هناك معايير وضعت وهل هي كافية؟ تجيب من الناحية الدستورية هناك معايير وكافية ولكن من الناحية التنفيذية والواقعية لا يوجد معايير محددة ومن هنا رأينا ان عددا كبيرا من الذين سحبوا الأوراق هواه أو يديرون المشهد بطريقة ارتجالية دون معرفة حقيقته. اضافت صحيح ان مناخ التحول الديمقراطي اتاح للجميع الترشح علي كافة المستويات ولكن منصب الرئيس يختلف فهو منصب حساس ومن ثم يجب ان نضع له معايير بعيدا عن المعايير الدستورية التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات. وهذه المعايير لن تكون مكتوبة ولكن يحددها قادة الرأي والفكر كالمتعلقة بالخبرة السياسية أي صاحب تاريخ سياسي مشرف ولديه خبرة بالترتيبات الدولية أو الاقليمية ويجيد اللغات الأجنبية باختصار لديه القدرة علي قراءة الظرف السياسي الذي نعيشه ويمكن ان نكتشف هذا الجانب من خلال المناظرات التي يجب ان تعقد بين المرشحين. اضافت اننا لا نطالب المرشح للرئاسة ببرنامج انتخابي كأعضاء مجلسي الشعب والشوري ولكننا نطالب بأن يكون لديه رؤية وحلم لمصر وعنده تصور للتحديات التي تواجهها والمدي الزمني لحلها ولا يرفع سقف الأحلام والتوقعات في مشكلة مستعصية علي سبيل المثال كالمرور ولكن لديه حلم ورؤية لمصر خلال 20 أو 30 عاما قادمة باختصار لديه رؤية حول مصر رايحة فين؟ قالت ان رئيس الجمهورية هو الواجهة للوطن والمفروض ان يكون علي قدر المسئولية ويعرف كيف يتغلب علي التحديات التي تواجهنا وأولويات تنفيذ المشروعات ويعرف كيف يخاطب الشعب ولديه رؤيته الخاصة للملفات العديدة التي تشغلنا مثل الاستثمار والحريات. * د.مغاوري شحاتة.. أمين عام حزب مصر القومي يقول من الواضح اننا أمام مهرجان استعراضي لكل شخص يريد ان يكتب عنه ولو سطر واحد في احدي الصحف أو مجرد ذكر اسمه في احدي القنوات الفضائية فلم يجد أفضل من ان يعلن عن نيته خوض الانتخابات علي رئاسة الجمهورية. استطرد قائلا: رغم ان الترشح حق اصيل لمن يريد ولكن ما نراه في هذا المشهد يؤكد عدم فهم الكثيرين لمهام وخصائص رئيس الجمهورية الذي يحكم مصر داخليا ومسئول ايضا عن احداث التوازن في العلاقات الدولية لكي تحتفظ مصر بمكانتها وريادتها ولديه من المؤهلات ما يمكنه من اتخاذ قرارات مصيرية. أوضح ان اعلان عدد كبير من الترشح دون امتلاك الحد الادني يعني الهبوط بقدسية هذا المنصب الرفيع. اضاف طالما اننا لم نضع الضوابط حتي يخرج الأمر في صورة ديمقراطية حقيقية فليس أمامنا الا ان نترك الأمر لصندوق الانتخاب لكي يختار الشعب من يقود سفينته ولكن أخشي ما أخشاه انه في ظل حالة الفوضي التي نعيشها وانتشار الأمية وعدم توافر الوعي السياسي لدي الغالبية ان يأتي حاكم لا يليق بمكانة مصر ويحصد المنصب من خلال بعثرة وتشتت الاصوات. أوضح ان الرئيس القادم لابد ان يتميز بصفات بصراحة وأمانة تامة لا أجدها في غالبية من أعلنوا عزمهم الترشح هي ان يكون حسن السمعة ولديه من الحزم ما يمكنه من قيادة الأمة ويحافظ علي التوازن بين السلطات الثلاث وان يكون قبل ذلك علي علاقة جيدة بالمؤسسة العسكرية لأننا يجب ان ندرك ان هناك أمورا تخص الجيش وأمن الدولة لا يعلن عنها علي الملأ ولذلك لابد ان يكون هناك تعاون مشترك بين الطرفين لتحقيق المصلحة العليا للوطن. * د.أحمد جلال محمود باحث في العلوم السياسية يري ان المناخ الذي اتيح بعد الثورة جعل الكثيرين يتصورون ان مساحة الحرية كبيرة لدرجة تسمح بترشح أي شخص دون ان يمتلك المؤهلات اللازمة وان كنت أري ان هناك مجموعة من المرشحين الاساسيين والذين يدعون لأنفسهم منذ فترة سوف ينجحون في تحقيق الاشتراطات المطلوبة من حيث عدد التوكيلات أو أعضاء مجلس الشعب. أما المجموعة الاخري الذين اعلنوا نيتهم الترشح سوف يكون هذا الاعلان مجرد دعاية لهم فهم مغمورون حتي علي مستوي قراهم أو مدنهم وليس علي مستوي الجمهورية. اضاف اننا لا نستطيع ان نحرم أحدا من حقه في الترشح فكل الافراد لهم وفقا للدستور الحق في الترشح والانتخابات ما لم يكن محكوما عليه في قضايا مخلة بالشرف وليس أمامنا الا الصندوق الانتخابي ليفرق بين الغث والسمين ومن يريد ان يخدم مصر حقيقة ومن يريد الشهرة والشو الاعلامي مع تأكدهم انهم لن ينجحوا في تحقيق الشروط المطلوبة ولكنهم يرون ان المناخ الجديدة يمنحهم حقا تم منعه عنهم لسنوات طويلة حيث كانت نتيجة الانتخابات معروفة مسبقا. اضاف ان التجربة الديمقراطية في مصر مازالت وليدة ولم تشب عن الطوق بعد ومن الطبيعي ان تجد في تصرفات البعض بعض الشتت والتفكير غير العقلاني ولكن علينا ان نستوعب كل هذه المحاولات ونترك للمسيرة الديمقراطية تصحيح نفسها بنفسها. * سعد عبود وكيل مؤسسي حزب الكرامة وعضو مجلس الشعب يقول لا نستطيع ان ننكر انه بعد الثورة هناك قدر من الحرية واتاحة الفرصة أمام من يريد الترشح كحق دستوري ولكن كل شيء في الدنيا له ضوابط وقد اخذنا بالحد الادني لهذه الضوابط وهي ان يكون المرشح منتميا لحزب لديه مقعد واحد علي الأقل في مجلس الشعب أو يحصل علي تأييد 30 عضوا بالمجلس أو تأييد 30 ألف شخص من 15 محافظة كحد ادني. اضاف ان هذا العدد الكبير من المرشحين أو الراغبين في الترشح سيتساقطون قبل نهاية المشوار بل حتي قبل ان يبدأ فليس معقولا مع احترامنا لكل إنسان ان ينافس علي هذا المنصب الرفيع عامل نظافة أو مسحراتي أو سباك أو تربي مع تأكيدي مرة أخي علي احترام هذه المهن لأن مصر ليست دولة صغيرة بل دولة محورية في المنطقة ولا ينفي هذا تراجع دورنا في السنوات الاخيرة في القضايا الدولية والاقليمية فهذا راجع إلي السياسات الخاطئة التي اتخذها الرئيس السابق. أوضح انه رغم انتشار الأمية الا ان الشعب سوف ينحاز إلي الشخص الاصلح وأنا اراهن علي ذلك وليس ثورة يناير ببعيدة فقد اندلعت في وقت تصور فيه الحاكم وبطانته ان الشعب المصري لن يثور ولن يقدر علي المقاومة فكانت الثورة وايضا في الانتخابات الرئاسية القادمة سوف يثبت شعب مصر انه علي قدر المسئولية وسينحاز للأقدر علي قيادة السفينة داخليا وخارجيا في ظل تحديات هائلة علي كل المستويات. كشف طبي * د.أحمد يوسف سلامة استاذ الطب النفسي يري ان أي شخص يتولي منصبا قياديا لابد ان يخضع للكشف الطبي والنفسي بسبب اهمية المنصب الذي سيتولاه فما بالنا برئاسة دولة فلابد ان يكون هناك شيء صريح يؤكد انه لا يعاني من أي أمراض خطيرة أو اضطرابات تؤثر علي قراراته التي يمتد تأثيرها بالتأكيد إلي أبعد من شخصه هو بل يتأثر بها 85 مليون شخص هم تعداد شعب مصر. اضاف ان هناك مجموعة من كبار اطباء النفس في مصر طالبوا بهذا الأمر كثيرا حتي نضمن ان يأتي الرئيس خاليا من الكثير من الأمراض التي تؤثر عليه وما المانع ان يكون هذا الكشف الطبي والنفسي شرطا من شروط الترشح وهذا لن يستغرق وقتا طويلا ولكن في نفس الوقت نضمن ان يأتي الاختيار بالشخص المؤهل نفسيا لهذا المنصب الخطير. أوضح ان هناك أمراضا يمكن ان تؤثر علي صحة القرار الذي يتخذه الحاكم مثل الاضطراب النفسي أو الاكتئاب الشديد أو التوهم أو الشك أو الوسواس القهري فكل هذه الأمراض يمكن بل مؤكد تؤثر علي اتخاذ القرار المناسب. اشار إلي انه لا يجد في ذلك تقليلا من شأن المرشحين فمن الطبيعي ان نضع كل الاشتراطات التي تضمن ان يأتي الاختيار من خلال الصندوق الانتخابي صحيحا.