رغم مرور 52 عاماً علي وضع حجر الأساس لبناء السد العالي الذي تم في 9 يناير 1960 في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر إلا أن بناة السد العالي مازالوا يتذكرون عن ظهر قلب تاريخ التحاقهم بهذا المشروع القومي العملاق وكأنه تاريخ لميلاد إرادتهم المصرية الذي لن تستطيع عوامل الزمن أو الشيخوخة ان تعبث به. يقول محمد البدري عيد -كبير فنيين بالمعاش-: التحقت بالعمل في 20/10/1966 بمشروع السد العالي في مركز التدريب بالسيل الجديد بمدينة أسوان وهو مجهز بمعدات تعليمية للتدريب علي أساسيات الكهرباء واستخداماتها في محطات التوليد. أضاف: أن السد العالي معجزة هندسية من معجزات القرن ال 20 ويعد واحداً من أكبر السدود في العالم وتعتبر محطة كهرباء السد العالي من أكبر محطات التوليد الكهرومائية في العالم وقت التنفيذ وهي إحدي ركائز الشبكة الكهربائية المصرية الموحدة. يقول المصري علم الدين شمروخ إنه التحق بالعمل في السد العالي في 14/11/1961 في وظيفة لحام وبعدها اشتغل وناشاً علي إحدي المعدات الثقيلة وكان يتقاضي 6 جنيهات وستين قرشاً شهرياً وهي أفضل من 6 آلاف جنيه حالياً. أضاف أنه رأي الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وهو يدخل في نفق رقم واحد وكان يرتدي الملابس الميري الخاصة بالقوات المسلحة ووقف وسط العمال وفوجئ العمال به وهو يبكي بحرارة حينما سمع أصوات التفجيرات وقال إن صوت الديناميت ذكره بحرب الفالوجا وقرر بعد زيارته للموقع صرف شهر منحة للعاملين في السد العالي. أشار إلي أن مخازن السد العالي كان يوجد فيها عدد كبير من الكرابيج وشاهدها الكثيرون ولكن الرئيس عبدالناصر رفض ان يتم استخدام هذه الكرابيج في ضرب العمال كما حدث أثناء حفر قناةالسويس. وقال إنه لن يسمح بضرب أي فرد من أبناء الشعب المصري كما كان يحدث في عهد الملكية وطالب المسئولين بزيادة الرواتب لتشجيع العاملين علي أداء عملهم بحماس. يقول أبوضيف عبدالحافظ إنه التحق بالعمل في السد العالي في يوم 18/2/1962 في وظيفة عامل تخريم وكان راتبه وقتها 9 جنيهات ونصف وشهرياً وشارك في إنشاء الأنفاق الخاصة بالسد العالي وتعرض للموت أثناء عمله مرتين حينما صعقته الكهرباء هو وزملاءه تحت قضبان نفق رقم 6 ومات خمسة من زملائه في هذه الحادثة ونجا هو بأعجوبة. كما تعرض لحادث انقلاب سيارة في طريق النيل ونجا أيضا من الموت. أشار أبوالمكارم عبدالجليل إلي أنه كان يعمل أمين مخزن بالسد العالي منذ 31/10/1962 وتعلم الكثير داخل هذا المشروع العملاق الذي كان بمثابة المدرسة لكل المصريين الذين التحقوا بالعمل فيه لأن معظم المصريين في بداية الستينيات كانوا لا يتقنون سوي حرفة الزراعة فقط داخل مقر إقامتهم في القري المصرية ولكن حينما جاءوا إلي السد العالي تعلموا الخراطة والحدادة والبرادة وقيادة المعدات الثقيلة وغيرها من المهن والحرف المختلفة. أشار حلمي حسين أحمد 82 سنة إلي أنه التحق بالعمل في السد العالي في 16/8/1960 في وظيفة حفار وقام بحفر اللافتة الرئيسية الخاصة بالسد العالي والموجودة حاليا في منطقة صحاري والتي تتضمن كافة المعلومات عن مشروع السد العالي. يقول خيري عبدالخالق من مواليد 1940 إنه كان يعمل في مصنع الحقن منذ 5/11/1961 كان يحصل علي 7 جنيهات شهرياً وشاهد العديد من العمال الذين كانوا يلقون حتفهم أثناء العمل لدرجة أن وردية كاملة مكونة من 80 عاملاً لقوا حتفهم في أحد أنفاق السد العالي الذي انهار عليهم فجأة. يقول عبده محمود يوسف إنه كان يعمل ملاحظاً بالسد بالعالي والتحق بالمشروع في عام 1963 وشهد سقوط العديد من الشهداء أثناء العمل في مشروع السد العالي. حيث كانت الأحجار تنهار علي العمال بصورة متكررة وكان من المألوف ان تشاهد الكراكات وهي تنتشل الجثث من وسط الأحجار. أشار إلي أن أجمل اللحظات التي لا تنسي في حياته هي احتفالية تحويل مجري النيل التي شارك فيها آلاف العاملين وسط جو من الفرحة والسعادة بانتهاء المرحلة الأولي من السد العالي. أضاف عبدالمنعم حسين حسنين 60 سنة أنه التحق بالعمل في هيئة السد العالي في عام 1978 بعد انتهاء المشروع وكان يعمل سائقاً وشارك في حفل وضع حجر الأساس لمشروع توشكي والذي يعد من أبرز المشروعات القومية العملاقة التي ترتب علي بناء السد العالي ويمكن ان يؤتي هذا المشروع ثماره قريباً في حالة اهتمام الدولة به. يقول حسين أبوالقاسم إنه كان يعمل عامل تخريم في مشروع السد العالي منذ عام 1962 وكان يقوم بتخريم الخرسانة الملحة وستارة السد العالي تمهيداً لحقنها بمواد كيمائية معينة مثل البانتونيت والأمونيا والسليكات والطفل لمنع التسرب للحفاظ علي جسم السد. أضاف اسماعيل توفيق عبدالرحيم أنه كان يعمل سباكاً في مستعمرة العاملين في مشروع السد العالي وكان معظم المقيمين فيها من العزاب في السنوات الخمس من بناء السد العالي وبعد عام 1965 بدأت أسر العاملين تتوافد للإقامة داخل هذه المستعمرات وتكوين مجتمعات جديدة. يقول علي تركي 66 سنة إنه اشتغل في السد العالي في نهاية 1963 في قسم التركيبات الميكانيكية التي كان لها دور أساسي في إنشاء أنفاق السد العالي. قال إنه من أبناء قرية أبوتشت بمحافظة قنا وسمع بوجود فرص عمل بمشروع السد العالي فجاء إلي أسوان والتحق بالعمل علي الفور في هذا المشروع العملاق الذي كان يعمل فيه أعداد كبيرة من جميع محافظات مصر. وأشار إلي أنه شارك في تركيب جميع أعمدة الإنارة في السد العالي بأكمله حينما التحق بقسم المرافق في بداية السبعينيات. من جانبه يقول المهندس سعد نصار -رئيس جمعية بناة السد العالي- إنه سيتم قريباً جداً افتتاح متحف السد العالي بعد سنوات طويلة من الانتظار وسوف يتم حفظ جميع الوثائق والمستندات الخاصة بهذا المشروع العملاق داخل هذا المتحف. كما سيتم كتابة أسماء شهداء وضحايا السد العالي في لوحة كبيرة في مدخل المتحف تقديراً لأرواح هؤلاء الشهداء وإن كانت أعداد شهداء السد لا يمكن إحصاؤها في لوحة واحدة في حقيقة الأمر مهما كان حجمها. قال إن جمعية بناة السد العالي قامت بجهود ومساع كبيرة لمنح معاش استثنائي قدره 200 جنيه لحملة الأوسمة والنياشين في مشروع السد العالي وسوف يستفيد من هذا المعاش حوالي 500 عضو بالجمعية.