لو أن الإعلام المصري بصحفه وفضائياته وجه اهتمامه لقضية الأمن وحرص علي المساهمة بإيجابية في دعوة المواطنين لمساعدة الشرطة في القضاء علي الإنفلات الأمني لكنا قد بصمنا بالعشرة واعترفنا بأن هذا الإعلام إعلام وطني بما تحمله هذه العبارة من معان. لكن الملاحظ حتي الآن أن هذا الإعلام لايؤدي رسالته المفروض أن يقوم بها في تهدئة الأوضاع والدعوة إلي العمل والإنتاج والتركيز علي حل المشكلات.. بل ما يكاد يعثر علي قضية خلافية صغيرة إلا وجدها فرصة للإثارة والتهييج وكما يقولون "يعمل من الحبة قبة"!! لقد تلقيت رسالة من القارئ الصديق ماهر الجمل من دمياط تعكس رأي المصريين فيما يجري علي الساحة الآن ودمياط معروفة بأنها بلد منتج تكاد تخلو من البطالة فهم أهل صناعة وحرف متعددة. يقول ماهر الجمل: كنا أسعد الناس بثورة 25 يناير وشاركنا فيها بقوة وقدمنا شهداء من أبنائنا.. ثم عدنا إلي أعمالنا بحب وقوة لدفع عجلة الإنتاج لأننا نكره التكاسل كما نكره العنف والفوضي وعدم الالتزام.. ولكن ماذا نفعل وهناك البعض الذين أبوا الا أن يسيئوا لهذه الثورة العظيمة ويصروا علي أن يثيروا الرعب في نفوس المواطنين. فرغم محاولات الشرطة للقضاء علي الإنفلات الأمني فقد تم اختطاف أحد أفراد عائلتي عنوة من أهم شوارع دمياط وهو شارع "الجلاء" حيث فوجئنا بسيارتين ينزل منهما سبعة أشخاص يحملون الأسلحة الآلية. وبكل العنف والقسوة يحملون الرجل من الشارع ويلقونه داخل شنطة إحدي السيارتين ويفرون تحت تهديد السلاح والناس ينظرون ولا حول لهم ولا قوة. ثم يتساءل القارئ¢ ماذا نفعل؟! وكيف نتصرف؟! إننا لا نملك سوي الصبر.. لكنه صبر الغاضبين الذين يرون أن هناك محاولات متعمدة للتركيز علي قضايا جانبية وشغل الرأي العام بها مثل قضية تفتيش مقار منظمات حقوق الإنسان في حين نري نحن المواطنين أن قضية الأمن يجب أن تكون لها الأولوية القصوي. وبمناسبة ما أثاره القارئ ماهر الجمل فإن قضية تفتيش مقار منظمات المجتمع المدني بقرار قضائي بهدف اكتشاف الابعاد السياسية للتمويل الأجنبي قد شغلت الساحة الإعلامية بطريقة مبالغ فيها. وكأن مشاكل مصر كلها اختزلت في هذه المشكلة. المنظمات الحقوقية تصرخ وتحتج علي تفتيش مقارها وكأنها ثكنات عسكرية ممنوع الاقتراب منها أو التصوير! وجهات التحقيق تعلن أن هذه المنظمات تلقت ملياراً و700 مليون جنيه لإثارة الفوضي بالبلاد.. والمنظمات ترد بتشكيل فريق للرد علي هذه الاتهامات. ووزيرا العدل والتعاون الدولي يبرئان الحكومة والمجلس العسكري من اصدار قرار التفتيش ويؤكدان أن جهات التحقيق وحدها هي المسئولة.. وأن مصر مثلها مثل أمريكا تحظر التمويل السياسي للجمعيات. ومصدر قضائي يعلن استمرار عمليات التفتيش وهناك قرارات بضبط 43 مسئولاً لسؤالهم عن المضبوطات التي تحفظت عليها النيابة. ونحن من جهتنا نتساءل: هل هناك رابطة بين التمويل الأجنبي والإنفلات الأمني؟!