الأزمة التي يتعرض لها حالياً الرئيس الأمريكي باراك أوباما بسبب الأموال التي أنفقت علي أحزاب ومرشحين في الانتخابات البرلمانية المصرية وتبلغ 200 مليون دولار ولم يحقق أي منهم مقعداً في البرلمان لدليل واضح علي فشل الأجهزة الأمريكية في متابعة الشأن المصري بدقة وفهم ثورته وأسبابها وأبعادها وأهدافها. وأمريكا كنموذج للاستعمار الجديد تصر علي التعامل بالمبدأ القديم للاستعمار وهو "فرِّق تَسُد" أو أنها تقدم بيدها اليمني الدعم المادي الضخم لمرشحين غالباً من الليبراليين الرافضين "مثلنا" لفكرة الدولة الدينية ثم تقوم الإدارة الأمريكية نفسها بالتحاور مع التيارات الدينية الإسلامية في مصر. والتي حققت الاكتساح في الجولة الأولي للانتخابات. وكأن إدارة أوباما تقتنع مثلها مثل النظام المصري السابق باتباع سياسة إمساك العصا من المنتصف. فإذا فاز من دعمتهم بالمال. فطبيعي ستكون أمريكا صاحبة فضل. وإذا كسب الإسلاميون فهم أصدقاؤها بدليل الحوار المستمر والممتد منذ أعلنوا مشاركتهم في ثورة يناير وحتي وقتنا هذا. خلاصة المنهج الأمريكي تكشف أن سياسات إداراتها سواء كانت للجمهوريين أو للديمقراطيين أو لغيرهم لا تتغير. ولن تتغير.. فهي نموذج واضح لمنهج السكسونية المبني علي عبودية الآخر. واحتوائه لإخضاعه وليظل الأمريكي هو السيد للعالم. ولمن حوله من أجناس البشر. والمطلوب من وجهة نظري أن تتعامل التيارات السياسية مع هذا الأسلوب بنوع من الإدراك الجمعي للأهداف المصرية وطموحات الشعب في الحياة الكريمة والديمقراطية الحقيقية التي تضمن مشاركة كافة الأطياف والأحزاب والقوي الثورية في الحياة السياسية المصرية التي خرجوا من جنتها طوال 3 عقود مضت بمباركة أمريكا نفسها التي رعت النظام السابق ووقفت ضد الثورة المصرية عند اندلاعها. ثم تراجعت عن موقفها بعد إحساسها بنجاح تلك الثورة. الإدارة الأمريكية لم تحدد أسماء المرشحين أو الأحزاب التي دعمتها في الانتخابات وهو دليل واضح علي عدم صدق نواياها في فتح صفحة جديدة من العلاقات القائمة علي الصراحة والشفافية مع الشعب المصري. ربما لعدم رغبتها في فضح أصدقائها داخل مصر. أو إن صح التعبير الموالين لها. وهو نفس الأمر الذي سبق واتبعته في الأموال التي أنفقت علي مشروع باول لتحسين الصورة الأمريكية في الشرق الأوسط بالإنفاق علي جرائد وقنوات فضائية تطبل وتهلل للنموذج الأمريكي قبل ثورات الربيع العربي. إذن نحن أمام تفاعل سلبي من الشارع المصري مع السياسات الأمريكية بدليل فشل المشروعين. مشروع باول القديم المتجدد والمستمر. ومشروع محاولة إنجاح بعض الأحزاب والمرشحين بأعينهم لتحقيق حلم وصولهم للبرلمان المصري. ويتبقي المشروع الثالث وهو مشروع الدولة الدينية التي وإن لم تتوافق مع الفكر الأمريكي. فإن نهاية المطاف تعني إجهاض الثورة المصرية. والدخول في مخطط التقسيم إياه كمشروع وهدف استراتيجي إسرائيلي أمريكي. والحجة حاضرة هي: حماية الأقليات الدينية في مصر. ومنح حقوق أبناء النوبة.. فهل سيظل المصريون الحقيقيون يلعبون دور المتفرج الغائب عن الوعي في المرحلتين القادمتين للانتخابات؟!.. هذا هو السؤال.