احتفلت مصر بعيدها الوطني الجديد. وهو يوم 28 نوفمبر.. الذي سيكتب عنه التاريخ. أنه اليوم الذي كتبت فيه الصفحة الأولي من مصر الحديثة. مصر الحرية والثورة.. مصر التي حطمت كل القيود القديمة والجديدة في هذا اليوم. لنتخلص من ديكتاتورية ثورية السابقين والجدد. وتتغلب الإرادة الشعبية علي كل أنصار الأجندات الخارجية. والذين احترفوا زرع الخوف والفزع وانعدام الثقة في نفوس كل المصريين.. في هذا اليوم 28 نوفمبر. قدم المصريون عربون ثورتهم الجديدة والحقيقية. عندما خرجوا بالملايين. النساء. قبل الرجال. والشيوخ قبل الشباب. ليتحدوا كل المخاوف. وينظروا بثقة للمستقبل المضيء الذي ينتظر أبناء هذا الوطن. وأجياله القادمة.. لأن المعاناة التي عشناها علي مدي عقود وسنوات. تكفي تماماً.. ولا يعقل أن نستمر في هذا الحال. باستبدال ديكتاتورية بأخري.. الشعب قال كلمته المدوية بملايين حقيقية. وليس بمليونيات انفعالية في الميادين. التي أصبحت موضة. أكثر منها مواقف ونوايا صالحة.. ولا أشكك في عناصر رائعة وصادقة في هذه الميادين. ولكني أنبه لخطورة الخلط الموجود بها. والذي يسعي لزعزعة الاستقرار المجتمعي.. فالمجتمع خرج عن بكرة أبيه في كل محافظات الجولة الأولي للانتخابات.. ليس ليختار نائباً أو قائمة في دائرة. وإنما ليؤكد أنه ليس جالساً علي الكنبة. وأنه صاحب كلمة ورأي وصوت.. وإذا كانت برامج الفضائيات المحسوبة للنخبة فقط. ومسرح الأحداث في الميادين تم غلقه علي بعض نجومه الذين يطالعوننا في كل ساعة.. كان اللجان في الأحياء والشوارع والحواري. والملايين التي اصطفت من الصباح الباكر في هذا اليوم "28 نوفمبر" واليوم التالي لأكثر من 24 ساعة علي اليومين. لخير دليل علي ما يدور برأس المصريين. ويتفاعل في قلوبهم. أقول ذلك رداً علي أحد هؤلاء الانفعاليين الذي ظهر ساخراً من قول المشير طنطاوي بأنه لا يمانع في اجراء الاستفتاء من الشعب علي رحيل المجلس العسكري عن إدارة المرحلة الانتقالية. حتي انتخاب رئيس الجمهورية في يونيو القادم.. بقوله: هنا الشعب. ويقصد من اجتمعوا في ميدان التحرير. أقدر الثوار الذين اختاروا ميدان التحرير ليكون منبرهم الثوري النابض. هذا المنبر الذي حرك في قلوب الشعب المصري كله نبض الثورة والانفجار ضد الظلم مع ثورة 25 يناير.. ولكني أذكرهم أن الثورة لابد أن تنضج وتتجاوز تلك المرحلة. ليتحول الي نضج شعبي. لا يمكن أن يعبر عن نفسه فقط في تلك البقع الملتهبة هنا وهناك.. ذلك أن النضج الشعبي يولد في عقول الناس وقلوبهم. أياً كانوا. حتي لو كانوا علي "الكنبة".. وهو وصف مهين. لا يليق أن يروج له هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم أسياداً لشعبنا. الذي لن يقبل إلا أن يكون سيد نفسه وقراره ومصيره. بعد اليوم.