من حق المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات أن يتهلل وجهه فرحا وهو يتحدث لوسائل الاعلام بعد نجاح المرحلة الأولي في أول انتخابات حرة نزيهة تشهدها مصر.. فسوف يرتبط هذا النجاح- لا شك- باسمه وباسم المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورجال القضاء والأحزاب والشخصيات التي شاركت وترشحت ورجال جيشنا البواسل ورجال الشرطة الذين حملوا أعباء حماية الناخبين والصناديق. وقبل هؤلاء جميعا سوف يرتبط هذا النجاح الباهر بشعب مصر الأصيل الذي أثبت في الساعة العصيبة أنه قادر علي اجراء انتخابات نظيفة.. وأنه يستحق الديمقراطية التي يصنعها. قبل أيام قلائل قالت أبواق العدو الصهيوني تعليقاً علي ما حدث في ميدان التحرير والعباسية إن المصريين والعرب عموماً لا يتفقون أبداً.. ولا يمكن ان تكون لهم كلمة واحدة.. وقبل ذلك قال مبارك: إما أنا أو الفوضي.. وقال أحمد نظيف رئيس وزرائه إن الشعب المصري غير جاهز للديمقراطية وغير ناضج بالدرجة الكافية لممارسة الحرية السياسية.. وقال كثيرون في أمريكا والغرب ان المسلمين لا يمكن أن يلتقوا مع الديمقراطية لأن دينهم ذاته دين استبداد وتعصب وتطرف.. دين شمولي يرفض الآخر. واليوم نستطيع أن نسخر من هؤلاء جميعا.. ونلقمهم احجاراً في أفواههم.. فقد نجحنا والحمد لله.. رغم كل شيء نجحنا وأثبتنا أن مصر عظيمة بحق.. وأن المصريين متحضرون وديمقراطيون والقاعدة سليمة ونقية وقادرة علي التمييز. ليس المهم من انتخب من.. وليس المهم من ينجح ومن يسقط.. المهم أننا خرجنا إلي اللجان الانتخابية.. وصممنا علي حقنا وأدلينا باصواتنا ونحن مدركون بأن هذه الأصوات هي التي ستأتي بمن يحكم.. ومن يمثلنا دون تزوير أو تزييف.. تخلصنا من الرشاوي الانتخابية ومن نائب الخدمات الذي يضحك علي البسيطاء وتخلصنا من ألاعيب الحزب الوطني وأظهرنا معدننا الأصيل. مقار اللجان في المدارس هي نفسها المقار القديمة.. والصناديق هي نفسها الصناديق الزجاجية القديمة.. ولكن الذي تغير هو الشعب الذي سرت فيه الروح الثورية وانتزع حقه ليختار حكامه بنفسه. من حقنا جميعا أن نفرح ونثق في أنفسنا وقدرتنا علي انجاز الخطوات الديمقراطية التالية.. من واجبهم أن يحزنوا حزنا عميقاً أولئك الذين يسكنون في طرة وأشياعهم وأسيادهم الذين زيفوا ارادتنا طويلاً.. واقنعوا العالم أجمع أن تزوير الانتخابات حتمية تاريخية ضمانا لبقائهم حتي لا يأتي الأعداء الذين يدمرون ويحرقون.. وبهذه الكذبة سلبوا ثروات البلد وأفسدوا كل شيء جميل فيه. نحن اليوم الأولي بالأمن والاستقرار والسعادة والفخر من هؤلاء الذين أخزاهم الله وكشف سوءاتهم.. وكلما سجل الشعب نجاحاً جديداً زاد خزيهم وانكسارهم. ما أعظمك يا مصر الحبيبة.. وما أروع هذا الشعب العملاق الذي يظهر معدنه في وقت الشدة.. وما أجمل أن نكتب اليوم أول سطر في شهادة نجاح الثورة المباركة. لقد انكسر قلبنا كثيرا من قبل ونحن نفاجأ بجرائم الفتنة الطائفية.. وحوادث الطرق والسكة الحديد.. وشهداء الاشتباكات العبثية بين المتظاهرين والشرطة.. لذلك لا تستكثروا علينا أن نفرح ونبتهج.. وأن نتباهي أمام العالمين باننا قادرون علي أن نمارس الديمقراطية كما تفعل الشعوب المتحضرة في أوروبا وأمريكا. لم نكن أبداً متخلفين ولا دعاة فرقة وانقسام ولا مدمني تزوير وتزييف.. لكن النظام الفاسد هو الذي فرض علي هذا البلد أن تكون كل انتخاباته مزورة ومزيفة وفاسدة وباطلة.. وأن تكون كل سياساته وتوجهاته ممالئة للعدو الصهيوني وزبانيته.. ثم جاءت الثورة المباركة لتعيد لمصر وجهها الصبوح وترد اليها روحها فاستيقظت علي فجر جديد. اننا علي يقين بأننا وقد وضعنا أقدامنا علي الطريق الصحيح وانجزنا أول استحقاق سياسي وديمقراطي بعد الثورة قادرون بعون الله علي أن نجمع صفوفنا ونرتب أوراقنا لكي نحل مشاكلنا المزمنة بنفس روح التحدي والثقة. دعونا نفرح وندعو الله أن يمن علينا بنعمة الأمن والاتحاد وان يجمع صفوفنا علي كل ما فيه خير المصريين.. كل المصريين.