بين الحين والآخر يتجرع الإنسان رشفة من كأس الفراق المر يفقد معها أحد أقاربه أو أصدقائه أو معارفه وتترك بعدها مرارة العلقم في حلقه بل حياته.. فيذرف العبرات ويعتصر قلبه ألما وكمدا ولكنه في النهاية يستسلم للقدر ويتسلح بالصبر ويحتسب عند الله سبحانه وتعالي علي أمل لقاء من فارق ولو بعد حين. وحينما يأتي الفراق علي حين غفلة أو ما يسمي "موت الفجأة" فإن الصدمة تكون أكبر والمصيبة تكون أعظم ووقعه في النفس يكون شديدا خاصة إذا كان المتوفي صديقا عزيزا لا يختلف اثنان علي دماثة أخلاقه وخفة ظله وطيبة قلبه وحبه لعمله.. وهذا ما شعرنا به عندما جاءنا خبر وفاة الزميل العزيز خالد العشري نائب رئيس تحرير "المساء" الذي مازالت ابتسامته الصافية تملأ ناظرينا وذكرياته العطرة محفورة في مخيلاتنا.. فقد كان نعم الصديق والأخ والزميل. جميعنا يؤمن بأن الموت هو النهاية الطبيعية لحياة الإنسان وأنه حق لا مفر منه لكنه في رأيي اختبار صعب لأحباء المتوفي من الأحياء هل يصبرون أم يجزعون.. إلا أنهم في النهاية لا يملكون إلا الدعاء لمن فارقهم بالرحمة والمغفرة ولأنفسهم بالصبر والسلوان. إن الكلمات تعجز عن وصف مناقب الزميل العزيز خالد العشري فقد كان نعم الصديق الصالح والأخ الحنون البشوش.. لم يتأخر يوما عن إغاثة ملهوف أو حل مشكلة لمكروب.. وكان عف اللسان لطيف المعشر محبا للخير متسامحا حسن الصحبة يشع البهجة في أي مكان يتواجد فيه.. وكان كالشمس ينشر الدفء في قلوب من حوله متواضعا معطاءً.. وإذا كان قد فارقنا بجسده الطاهر إلا أن روحه ستظل حاضرة في كل مجلس ومكان في الجريدة وستظل صورته محفورة في قلوبنا. إن الحياة خانتنا وفرقتنا ولم تكترث لألمنا ووجعنا ودموعنا ولكننا بقلوب صابرة مؤمنة لا نقول إلا ما يرضي ربنا وندعو المولي سبحانه أن يتغمدك بواسع رحمته ويدخلك فسيح جناته ويجمعنا بك في مقعد صدق عند مليك مقتدر في الفردوس الأعلي من الجنة.. و"إنا لله وإنا إليه راجعون".