التطورات تتسارع في منطقتنا بصورة مدهشة.. وهي لا تقع بطريق الصدفة.. فلا شيء في العالم العربي أو الشرق الأوسط متروك للمصادفات.. هناك دائماً محركات من داخل وخارج المنطقة. ما يظهر لنا من هذه التطورات ليس سوي قمة جبل ثلج تختفي بقيته تحت سطح الماء.. نحن نري النتائج لكننا غالباً ما لا نكون في الصورة من المقدمات وما يجري في الكواليس "وتحت الترابيزات" من صفقات ومبادلات. ولذلك فالتطورات تثير من التساؤلات أكثر مما تطرح من إجابات.. وقد تظل التساؤلات تتردد ولا تظهر لنا إجابات أبداً. استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من منصبه.. أعلن استقالته من السعودية.. قال صراحة ان سبب استقالته ان حزب الله التابع لإيران تحول من جزء من الدولة اللبنانية إلي دولة فوق الدولة. أثيرت تكهنات كثيرة حول الاستقالة وصاحبها.. خرج الحريري من السعودية إلي فرنسا ومن فرنسا إلي مصر ومن مصر إلي بيروت.. استقبله الرئيس اللبناني.. وخلال أيام قليلة تم تسوية موضوع الاستقالة.. كيف ومقابل ماذا.. وإلي متي.. كلها أسئلة لا تزال إجاباتها رهينة عقول وصدور أصحابها. الكويت تحدد فجأة موعد قمة مجلس التعاون الخليجي التي ستعقد علي أرضها يومي 5 و6 ديسمبر بعدما أثيرت شكوك حول امكانية عقدها أصلاً بسبب الأزمة القطرية. فجأة أيضاً وأقول فجأة بالنسبة للرأي العام وجهت الكويت دعوة رسمية لأمير قطر الشيخ تميم لحضور القمة. هل حدث ذلك بموافقة الأطراف الخليجيين في الأزمة مع قطر.. السعودية والإماراتوالبحرين؟! هل هي مقدمة لتسوية الأزمة؟! أم ان هناك ما تم الاتفاق عليه بالفعل؟! هل سيؤثر ذلك علي مستوي تمثيل الدول الثلاث في القمة بحيث يتم تخفيض هذا التمثيل تجنباً لأي حرج للقادة الكبار: خادم الحرمين الشريفين ورئيس دولة الإمارات وملك البحرين في حالة خروج أمير قطر عن النص أو احتمالات فشل القمة؟! بين عشية وضحاها ركب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح السلطة في صنعاء بعد أن سيطرت قواته فجأة علي كل المباني والمواقع الاستراتيجية في العاصمة اليمنية وطرد ميليشيات الحوثيين منها. أعلن صالح فض تحالفه مع الحوثيين واستعداده لفتح صفحة جديدة مع السعودية والتحالف العربي الذي تقوده في اليمن مقابل وقف إطلاق النار وإعادة الأوضاع في اليمن إلي طبيعتها.. بينما رحبت السعودية بهذه التطورات ودعا الرئيس هادي منصور ممثل الشرعية في اليمن المواطنين للانضمام إلي هذه الانتفاضة المباركة لإعادة اليمن إلي الحضن العربي. ما الذي جري من مقدمات أدت إلي هذا التحول؟! ومن الذي أجبر الحوثيين إلي الرجوع خطوة إلي الخلف وفتح الطريق لعبدالله صالح للتقدم خطوة إلي الأمام؟! وكيف تمكن في يوم وليلة من امتلاك القوة التي جعلته يسيطر علي العاصمة؟! ثم.. هل هذا التحول نهائي؟! وهل عبدالله صالح مازال موضع ثقة؟! لقد تحالف مع الحوثيين ضد السعودية وعندما تم ضربه ونجا مصابا من الاغتيال استضافته السعودية وتولت علاجه.. وعندما عاد لليمن نسي ذلك.. وها هو يعود مرة أخري. بشكل عام التطورات حتي الآن إيجابية وتسير في الاتجاه الصحيح وهو تحجيم النفوذ الإيراني في لبنان واليمن وفي مجلس التعاون الخليجي.. هل ستستمر في هذا الانجاه هذا سؤال آخر يضاف إلي ما سبق طرحه من تساؤلات.