** كل دول العالم المتحضر تتعامل مع الفنون بمنطق مختلف عن منطقنا وبتقدير مختلف عن تقديرنا وأعني بالفنون هنا كل الفنون.. فنون تشكيلية - مسرح - سينما - غناء - أوبرا - رقص - استعراض وغيرها وغيرها. ** الفنون هي إنتاج إنساني من المفروض أن يتجه إلي الابتكار والجمال.. والعالم اتجه منذ عقود طويلة إلي إطلاق حرية الإبداع في الفنون وتقنين هذا الإبداع ليصبح صناعة وتجارة ويحقق دخلاً قومياً وتميزاً حضارياً. ** نحن كمصريين ورثنا وبدون أي جهد ودون أي فضل منا كنوزاً لا تعد ولا تحصي ولا تقارن في عظمتها وتفرد إبداعها بأي أعمال فنية جاءت بعدها.. انها آثار مصر الفرعونية وآثارها في العصور المختلفة بعدها.. لقد كانت هذه الآثار ومازالت مثار دهشة للعالم بأجياله المتلاحقة ومازالت تمثل قمة الشموخ والعظمة والإبهار ولو كانت هذه الآثار التي لا حدود لها في أي بلد في العالم وبين يدي أناس يعقلون ويعرفون وقلبهم علي البلد لأصبحت هي المصدر الأول للدخل القومي والفخر القومي ولحققت أرباحاً ودخلاً يفوق دخل الدول المصدرة للنفط. ** لكن وزارة الثقافة بجلالة قدرها وتعاظم موظفيها ومجالسها وما سمي بالمجلس الأعلي للآثار وعلي مر السنين فشلوا فشلاً ذريعاً في توظيف هذه الكنوز توظيفاً يليق بها ويليق بمبدعيها من قدماء المصريين بل فشلوا فشلا ذريعاً في حمايتها حماية حقيقية تليق بقيمتها وتليق بوصفها كنوزاً تستحق ذلك. ** لا أحد يشك لحظة أن كثيراً من أغلي القطع الأثرية تعرضت للنهب والسرقة والاتجار المحرم وأن الفساد الذي استشري في البلاد وبين العباد طال هذه الكنوز.. وأن هذا الفساد منع كثيراً من الخطط والمشروعات التي أعدها مخلصون محترمون من أجل الحفاظ علي هذه الآثار وتوظيفها. ** ياعالم.. ياهوو.. مصر تعد أكبر متحفاً مفتوحاً علي سطح الكرة الأرضية وأينما تدب قدمك فيها ستجد فيها فناً وآثاراً تبهرك.. قد لا يقدر البعض قيمتها ولكن العالم كله يعرف هذه القيمة. ** أعتقد أن وزارة الثقافة ومجلسها الأعلي للآثار ليست هي الجهة التي يمكنها أن تحول هذه الكنوز إلي دخل قومي يفوق مدخولات بلاد النفط المجاورة.. يجب أن تتفكك مفاصل الفساد في عالم الآثار وتتشكل جهة إنقاذ حقيقية مخلصة للحماية والحصر أولاً ثم يطرح مشروع قومي عاجل وفق دراسات محترمة أظنها موجودة في إدراج العابثين.. مشروع وطني يجمل وجه هذا المتحف العالمي المفتوح في كل أركان مصر ويجعله قبلة للعالم وأعتقد أن العالم المحتضر الذي يعرف قيمة إبداع أجدادنا سيساعدنا كما ساعدنا من قبل.. ولكن لابد أن يكون المشروع في يد أناس شرفاء محترمين حتي لا يتكرر اللعب وحتي لا تعود أصول لعبة الفساد لتتحكم في نهب وإفقار ونهش كنوز هذا البلد.