في الذكري ال61 لتأميم قناة السويس يقول محمد داود المستشار القانوني لهيئة قناة السويس إبان تلك الاحداث التاريخية والذي عايش كثيرا منها مع رجال التأميم ومنهم المهندس محمود يونس.. أن شباب هذا الجيل لا يعرفون عنه شيئا. وأنه لم ينل حظه من التكريم الذي يحظي به رواد الفن وكرة القدم في بلدنا. في البداية يؤكد محمد داود إن محمود يونس رئيس المكتب الفني لمجلس قيادة الثورة هو الرجل الذي حمل رأسه علي كفه واقتحم مبني شركة قناة السويس مساء يوم 26 يوليو عام 1956 بمجرد ان أعلن جمال عبدالناصر كلمة السر المتفق عليها بينه وبين محمود يونس. وهي كلمة "ديلسبس" ليدخل بها إلي مبني قيادة الشركة ويحتل هو ومن معه مكاتبها وفقا للخطة التي كان قد وضعها بحرفية وسرية ونفذها بشجاعة فائقة. ونجح في تأميم الشركة وأدارها علي أحسن وجه. لتبدأ التحديات الطويلة والصراعات الدولية. * سألت محمد داود لماذا اخترت الحديث عن محمود يونس بالذات. وما هي مصادرك؟ قال: لأنه صاحب تاريخ أثر في منطقة القناة وفي مصر كلها قبل التأميم وبعد التأميم. ولم ينل حظه من التكريم اللائق قبل وبعد مماته. ** أما عن مصادري فمعظمها منه شخصيا. لأنه كان يعقد لقاء شهريا بالعاملين ويرد علي أسئلتهم وجمعت باقي المعلومات من رفقائه مثل المهندس سعيد الرفاعي والمهندس محسن إدريس والمهندس مشهور أحمد مشهور والمهندس محمد عزت عادل ومن كتابات المهندس عبدالحميد أبو بكر في مذكراته التي صاغها الكاتب الكبير صلاح منتصر وآخرون فضلا عن خدمتي تحت رئاسته بضع سنين. كانت الخطة أن تتم الاستعانة بعدد 92 فرداً من الضباط والمدنيين للسيطرة علي مرافق الشركة في مدن القناة الثلاث والقاهرة فور أن ينطلق عبدالناصر بكلمة السر "ديليسبس" ومساء يوم الخميس 26 يوليو 1956 حددت الأسماء دون اعلامهم بالمهمة السرية التي سيقومون بها وتحدد اللقاء في مكتب القائد العام للقوات المسلحة بكوبري القبة يوم الخميس 26 يوليو الثانية ظهرا حيث كان في استقبالهم الصاغ عباس رضوان وتوفيق عبدالفتاح وعبدالمعطي العربي وهم مديرو مكتب القائد العام للقوات المسلحة. وأعد محمود يونس الخطة بالكامل وكتبها بالقلم الرصاص وهي عبارة عن أسهم وأسماء وخريطة وذهب ليعرضها علي جمال عبدالناصر الذي وافق عليها قائلا "علي بركة الله". قام محمود يونس بتسليم كل قائد مجموعة ظرفاً مغلقاً محددا به المكان الذي سيتوجهون إليه في الصحراء الغربية وطلبت من كل مجموعة أن تتحرك في سيارة متباعدة عن الأخري حتي لا يثيروا الشك. كان نقطة التجمع في جنوبالقاهرة بالصحراء حتي اعتقد أفراد المجموعات أن المهمة السرية ستكون في الصعيد أو الصحراء الغربية وعندما تم اللقاء فتح رؤساء المجموعة الأظرف ووجدوا أن عليهم التوجه إلي معسكر الجلاء في الاسماعيلية. وصل الجميع لغرفة الاجتماع في تمام الساعة 5 مساء وبحضور المهندس مشهور أحمد مشهور من قوة معسكر الجلاء. وأغلق عليهم الباب وأبلغهم بقرار الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم شركة قناة السويس وإن الموجودين في الغرفة هم الذين سيقومون بتنفيذ العملية.. وأكد عليهم أن الهدف الأساسي هو استمرار الملاحة في القناة وضمان عدم تأثرها بأي عامل خارجي. وتمت عملية اقتحام مقر الشركة العالمية لقناة السويس في مدن القناة الثلاث والقاهرة بنجاح تام. وفي تمام العاشرة مساء أي بعد ساعتين من اقتحام مقر الشركة كان محافظ القناة محمد رياض يستقبل مديري الشركة الأجانب ويطلعهم علي قرار التأميم. ومما رفع معنويات رجال التأمين أن أهالي منطقة القناة في الاسماعيليةوالسويس وبورسعيد بمجرد سماعهم لخطاب الرئيس جمال عبدالناصر خرجوا إلي الشوارع في تجاه مكاتب الشركة في مدن القناة يهتفون بحياة جمال عبدالناصر.