تفوق السيسي علي نفسه في كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية.. وتفوق علي كل من ألقوا كلمات قبله وبعده من القادة الحاضرين. كان السيسي قمة وحده. لم يلق كلمة بروتوكولية. أو خطبة انشائية يوزع فيها التحيات علي الحاضرين. أو يتحدث بالجمل الدبلوماسية المعتادة في هذه المناسبات عن أهمية التعاون أو الشراكة. إلي غير ذلك. قدم خارطة طريق بالغة الوضوح لمفهوم الحرب العالمية ضد الإرهاب حدد فيها طبيعة العدو. وساحة الحرب. وأسلحة المواجهة. كان بالغ الصراحة والمكاشفة.. لم يتوار خلف شعارات. ولم يلجأ للمناورة بالمجاملات.. قال ما لا يستطيع أحد غيره.. أن يقوله. وألقي بالحقائق في وجوه الجميع وعلي رءوسهم. الحديث عن التصدي للإرهاب علي نحو شامل يعني مواجهة.. جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز.. فلا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو أثنين.. المواجهة الشاملة للإرهاب تعني مواجهة جميع أبعاد الظاهرة فيما يتصل بالتمويل. والتسليح. والدعم السياسي. والأيديولوجي. الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح. وانما أيضاً من يدربه ويموله. ويسلحه. ويوفر له الغطاء السياسي والايدولوجي. هذا بعض ما طرحه الرئيس. قبل ان يواجه الجميع بأسئلته المحرجة لبعضهم داخل القاعة.. ولآخرين في بلادهم: دعوني أتحدث بصراحة وأسأل: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات لتدريب المقاتلين. ومعالجة المصابين منهم. وإجراء الاحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟! من الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها كالبترول مثلاً؟! من الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟! ومن أين يحصلون علي التبرعات المالية؟! وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت ان تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟! وينتقل الرئيس إلي صياغة الاتهام وتوجيهه لمن يستحقونه: إن كل من يقوم بذلك هو شريك أصيل في الإرهاب. فهناك - بكل أسف - دول تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم.. كما ان هناك دولاً تأبي أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب.. حتي مع الأنتربول. رسائل "غير مشفرة" وجهها السيسي في كلمته.. فالكل داخل قاعة المؤتمر وخارجها يعرف ويسكت في حرب لا يمكن الانتصار فيها بالصمت. لأن الصمت عندئذ لا يختلف عن التواطؤ. رسائل طارت إلي الدوحة. وأنقرة. وتل أبيب. ولندن. وربما واشنطن نفسها حتي نهاية رئاسة أوباما. وإلي إشعار آخر. السيسي تحدث كمقاتل. وكقائد لدولة تخوض بالفعل حرباً ضارية ضد الإرهاب علي أرضها وتقدم التضحيات كل يوم. وتعرف جيداً من يريد ان يستنزف قدراتها الاقتصادية والبشرية ويعطل مسيرتها التنموية. السيسي تحدث كرئيس لدولة تقود لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة. وتتحمل بذلك مسئولية أمام المجتمع الدولي. تفرض عليها أن تضع أمامه كل الحقائق.. وتقدم تشخيصها. من واقع تجربتها الميدانية لطبيعة العدو. ولكيفية مواجهته وهزيمته. السيسي. في قمة الرياض العربية الإسلامية الأمريكية.. شرّف مصر.