ركزت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى فعاليات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التى استضافتها العاصمة السعودية الرياض أمس الأول، على التأكيد على الرؤية المصرية لمواجهة قوى الإرهاب والتطرف بمنظور شامل يعتمد على مقاربة تتناول جميع الجوانب السياسية والأمنية والفكرية والثقافية. وخلال مشاركة الرئيس فى فعاليات القمة والكلمة التى ألقاها، ولقاءاته المختلفة مع الرؤساء والملوك المشاركين بما فيهم لقاؤه بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب كان للرئيس موقف واضح يدعو المجتمع الدولى للتعاون بشأنه إذا كانت هناك نيه صادقة لاقتلاع جذور الإرهاب. هذا الموقف ترجمه الرئيس خلال كلمته بالقمة، التى لاقت تفاعلا ليس فقط على مستوى القمة ولكن شعبيا ، ذلك أن الرئيس تحدث بحزم وموقف الدولة المصرية الجاد فى مواجهة الإرهاب. طرح الرئيس خلال كلمته مجموعة من الأسئلة فى كلمته للمشاركين فيها وللمجتمع الدولى.. أسئلة صعبة على الدول الراعية والداعمة للإرهاب بالسلاح والمال والمساندة وأيضا المشاركة فى التجارة معهم. السؤال الأول.. حينما تحدث الرئيس عن سبل مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره من خلال مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية، حيث تساءل: كيف يمكن تفعيل هذه المقاربة الشاملة على أرض الواقع ووفق أى أساس؟ وهنا أكد الرئيس على أن الحديث عن التصدى للإرهاب على نحو شامل، يعنى مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز.. فلا مجال لاختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين.. فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية.. تجمعها روابط متعددة فى معظم أنحاء العالم.. تشمل الأيديولوجية.. والتمويل.. والتنسيق العسكرى والمعلوماتى والأمنى... ومن هنا.. فلا مجال لاختصار المواجهة فى مسرح عمليات واحد دون آخر. وواصل الرئيس طرح أسئلته على المجتمع الدولى: أين تتوافر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين.. ومعالجة المصابين منهم.. وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذى يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها.. كالبترول مثلا؟ من الذى يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟ هذه الأسئلة الصعبة على دول إقليمية شاركت فى انتشار هذا الخطر فى المنطقة.. وبالتالى الإجابة عنها تقتضى كما تحدث الرئيس مواجهة جميع أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل.. والتسليح.. والدعم السياسى والأيديولوجى. وكانت الفرصة لإظهار جهد الدولة المصرية فى مواجهة يومية وحرب ضروس ضد التنظيمات الإرهابية فى شمال سيناء، تحقق فيها مصر انتصارات مستمرة وتقدماً مطرداً.. نحرص على ضبط وتيرته ونطاقه بحيث يتم استئصال الإرهاب بأقل خسائر ممكنة.. مع الحفاظ على أرواح المدنيين من أبناء شعبنا العظيم. وقال الرئيس إن معركتنا هى جزءٌ من الحرب العالمية ضد الإرهاب, ونحن ملتزمون بهزيمة التنظيمات الإرهابية وحريصون على مد يد العون والشراكة لكل حلفائنا فى المعركة ضد تلك التنظيمات فى كل مكان. وتحدث الرئيس أيضا عن مواجهة تجنيد التنظيمات الإرهابية لمقاتلين جدد، مشيرا إلى المبادرة التى طرحها من عامين لتصويب الخطاب الدينى مع المؤسسات الدينية العريقة فى مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف. موقف ترامب أسئلة الرئيس السيسى التى طرحها بحثا عن حشد دولى لوقف أى دعم وتمويل للجماعات المتطرفة، سواء بالمال أو السلاح أو المقاتلين، كانت حاضرة حتى فى لقاءاته مع الرؤساء المشاركين فى قمة الرياض. وبدا ذلك واضحا فى لقاء الرئيس مع نظيره الامريكى دونالد ترامب، حيث أكد الرئيس على ضرورة صدور رسالة قوية خلال القمة تطالب جميع الدول بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأية دولة، بالإضافة إلى وقف أى دعم وتمويل للجماعات المتطرفة سواء كان بالمال أو السلاح أو المقاتلين، مع احترام الاختلاف المذهبى والطائفى ونبذ الفتن والخلاف والعمل على زيادة التلاحم ووحدة الصف. لكن فى المقابل خلت كلمة الرئيس الأمريكى ترامب أمام القمة من أى إشارة للحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب فى سيناء، ورغم أنه تحدث عن مواجهات كثيرة فى المنطقة مع قوى الإرهاب مثلما يحدث فى سوريا والعراق واليمن وأيضا ملاحقة الجيش اللبنانى لعناصر داعش بلبنان. لكن الرئيس الأمريكى بدا أن اهتمامه الأكبر فى إظهار انتصار داخلى أمام الشعب الأمريكى، حيث أشار إلى أنه يريد أن يشرك الشعب الأمريكى ببعض الأخبار السارة ومنها إنه نجح فى عدة أشهر فى توفير ما يقرب من مليون وظيفه وإضافة أكثر من 3 تريليونات دولار من القيمة المضافة الجديدة، وتخفيف الأعباء على الصناعة الأمريكية، وتسجيل استثمارات قياسية فى الجيش الأمريكى. وفى نفس الوقت تحدث عن صورة مختلفة لمصر، عن كونها مركزاً مزدهراً للتعليم والإنجازات منذ آلاف السنين، وسبقت أجزاء أخرى من العالم، وتحدث عن أهرامات الجيزة والأقصر والإسكندرية هى مصدر فخر لهذا التراث القديم، كما أشار لمحورية وأهمية واستراتجية قناة السويس كممر ملاحى عالمى. بينما تبقى رسالته المهمة فى إطار دور الإدارة الأمريكية فى مواجهة الإرهاب ، حينما قال «دول الشرق الأوسط لا يمكنها انتظار تدمير القوة الأمريكية لهذا العدو (الإرهاب) بالنيابة عنهم. على أمم الشرق الأوسط أن تقرر نوع المستقبل الذى تريده لنفسها، وبصراحة، لعائلاتها وأطفالها. وأمريكا ستدعم كل جهد يهدف لمواجهة التطرف.