قيم الدين الحنيف منذ انبثقت أنواره في رحاب أم القري أحاطت الأنثي بالرعاية والتكريم ووقفت بكل شدة ضد العادات الجاهلية التي كانت تنتشر بين مختلف القبائل والأوساط. حيث كان وجه الأب يسود حين تأتيه البشري بأنثي "وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسوداً وهو كظيم. يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألاساء ما يحكمون" وفي هذه الآيات اشارة واضحة إلي قبح ضده العادات وذلك الأسلوب لأن الذكر والأنثي في نظر الدين الحنيف سواسية "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" [الحجرات 14. لا فرق بين ذكر وأنثي وصور هذا التكريم وتلك العناية وهذا التقدير يجدر بنا أن نلقي الضوء عليها ونحن نحتفل بعيد الأم يوم 21 مارس الحالي وفي عام المرأة المصرية ويوم المرأة العالمي. وسوف تظل قيم الإسلام ومبادئه النموذج الأمثل في تكريم كل بنات حواء منذ وجودها في رحم الأم وهذه الرعاية والتقدير سبق بها الدين الحنيف العالم بأسره وجعل حواء شريكة الذكر في الأجر والعمل "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة". وقد جعل الإسلام للمرأة مكانة تحفظ لها آدميتها ولا فضل لذكر علي أنثي. الجميع في نظر التشريعات والتكليفات سواسية. ولها نصيب كالرجل في الميراث وكل شئون العبادات وفرض لها ضوابط وقواعد في كل مراحل حياتها. منذ طفولتها وهي تتمتع بكل ما يتمتع به شقيقها الذكر. واحاطها بالتقدير في التربية ولها أن تختار شريك حياتها. نصيبها في الميراث محدد "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا "7 النساء". وفرض صداقا تكريماً وتقديراً. وحرم الاعتداء عليها بأي شكل حتي الصداق المقدم لها مهراً ممنوع الاحتيال والنصب للاستيلاء عليها دون رضاها وآتوا النساء صداقتهن نحله فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئاً مريئا "4 النساء" ضوابط لحماية حقوق وأموال الأنثي وفي آية المواريث الأسوة والنموذج لكل العالم في أوروبا وغيرها من دول العالم. ارسي هذه المعالم وجعل المرأة شريكة للرجل ومساوية في الأجر والثواب "أن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات اعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً" [35 الأحزاب]. في هذه الآيات تحديد دقيق وايضاح لا يقبل الجدل بأي حال من الأحوال المساواة تظلل الجميع بقيمها الخالدة لا فرق بين الذكر والأنثي الاثنان في ميزان العمل والحفاظ علي مباديء الاسلام المسلم أخو المسلمة وفي كل الأعمال حتي حفظ الأعراض وصيانتها. الأجر المغفرة متساوية للذكر والأنثي. حماية واحتراما للأنثي أماً واختاً وزوجة. فالأم محل التقدير والرعاية والحماية والحرص علي الاحسان إليها "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً علي وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير" كما حدد الضوابط في التعامل مع الأبوين الأب والأم الاهتمام والاحترام من أهم الصفات التي يجب أن يتحلي بها الابن والابنة مع الأبوين حتي وإن كان لهما رأي مختلف مع آرائهما فالنقاش والحوار في إطار من المبادئ "وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" فهل هناك من تقدير ورعاية للأنثي أكثر من ذلك انها حفاوة الدين الحنيف ومهما تشدق دعاة التقدم والحرية في عالمنا المعاصر فلن يستطيعوا الوصول إلي هذه المكانة التي أحاط الإسلام كل بنات حواء طفلة. وفتاة وأماً وشريكة في الحياة. العلاقة بين العنصريين تقوم علي أسس وقواعد ينشأ في رحابها المجتمع المسلم المتكامل. الرجل يحترم المرأة فهي شقيقته وسر وجوده في الحياة. وهي شريكة الأب في كل المراحل والشئون والضوابط تصون لكل حقوقه الأبوان محل الاحترام والتقدير "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً". انها قيم السمو والاحترام وحفظ الحقوق والجميع في ميزان العدل سواء الالتزام بالواجبات لا يعيد عنها أي منهما وكل من يخرج علي هذه الضوابط فالجزاء في انتظاره. انها الرحمة وقيم الفضائل واحترام آدمية البشر. لا فرق بين الذكر والأنثي. تكريم واحترام الأم لا حدود له حتي وان كانت تختلف عن أولادها في الدين. فالمصاحبة في الحياة بالمعروف وفي إطار التقدير والرعاية. فقد ذهب رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأل : قال يا رسول الله : من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أبوك مرتان. ثم من؟ قال : أمك. ثم من؟ قال : أمك. ثم من؟ قال أمك" ذكر الأم ثلاث مرات في اطار التقدير والرعاية لهذه الإنسانة التي حملت الابن في بطنها 9 أشهر وارضعته لمدة عامين وهو محل اهتمامها طفلا حتي يبلغ ارذل العمر. قيم الإسلام تضع الأم في مقدمة الاهتمامات والعقوبة في انتظار من يسيء إليها بأي حال من الأحوال. تلك قيم الاسلام وضوابطها. التي تحفظ للجميع الحقوق والواجبات وجدير بنا أن نهتم برعاية وتربية الابناء علي أساس هذه القواعد وأن تكون هناك مناهج للتعليم حتي ينشأ الأبناء في ظلال تلك المبادئ والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.