الإسلام منذ أشرقت أنواره في أم القري وأعلن مبادئه الخالدة رسول الإنسانية سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم التي احترم فيها آدمية البشر ووقف بجانب بنات حواء وأعلن رفضه للعادات السيئة التي تتنافي مع أبسط الواجبات والحقوق فقد كان الناس في ذلك الوقت حينما يرزق الواحد بابنة تنتابه مشاعر سيئة "وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به. أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون" "58. 59 النحل" وأخذ الإسلام يؤكد ان النساء شقائق الرجال ولا فرق بين ذكر وأنثي ووقف بكل قوة ضد هذه الأساليب التي تتنافي مع القيم الإنسانية واحتضن بنات حواء بالرعاية والعناية وجعل لها حقوقا مساوية للرجل سواء بسواء وقد حرصت علي التركيز علي هذه القيم السامية التي أرسي معالمها الدين الحنيف خاصة ونحن نحتقل هذه الأيام بيوم المرأة العالمي وعام المرأة المصرية بالإضافة إلي عيد الأم يوم 25 من مارس الجاري. تلك الحفاوة والتقدير قد سبق بها الإسلام الجميع منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان. ويجدر أن نلقي الضوء علي ما كان يجري في أيام الجاهلية قبل أن ينبثق نور الإسلام. فها هو أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول معبراً عن تلك العادات السيئة: انني في بعض الأيام تعود بي الذاكرة إلي واقعتين عشتهما في يومين لا أنساهما مهما تقادم الزمن. اليوم الأول حين أتذكره ينتابني البكاء وتتمثل هذه الذكري في انني قد اصطحبت طفلتي الصغيرة كي أدسها في القبر وأثناء عملية الحفر كانت تتقدم نحوي وتنفض غبار الأتربة التي اعتلت لحيتي وخلال قيامها بهذه المهمة الإنسانية وبعفوية قالت: هل أنت تعد لعبة لي يا أبي؟ ولم التفت لقولها ثم قمت بدفنها فعندما تعود الذاكرة لهذا اليوم أظل أبكي فترة طويلة. أما اليوم الثاني فحينما أتذكره أظل أضحك فترة ليست قصيرة ويتلخص في انني كنت أقوم بنوبتي في حراسة الآلهة المصنوعة من العجوة. هذا الإله الذي أحرسه عندما ينتابني الجوع أسرع نحو الإله فآخذه وآكله سدا لجوعي الشديد. كل ذلك يشير إلي ما كان يحدث في الجزيرة العربية وغيرها عن التخلص من الأنثي وقد أكد القرآن الكريم ما كان يجري حتي للمشاعر حين يرزق الأب بأنثي وقد أوضح القرآن "وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت" في اشارة تستهجن هذا الاسلوب الذي يتنافي مع أبسط الحقوق الإنسانية. الإسلام احتضن المرأة وأشار إلي أنها تحظي بالعناية والحماية خاصة جاءت مع الذكر من نفس واحدة "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا" "1 النساء". كما ان المرأة كانت لها نفس الحقوق والواجبات مثل الرجل في الأجر والجزاء والميراث لها نصيب محدد مثل الذكر "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" وفي الثواب عن العمل لها مثل الرجال "من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" "97 النحل" آيات في سور القرآن الكريم تؤكد حقوق هذه الأنثي لأنها هي الأم والأخت والزوجة والابنة وهي محل الاحترام والتقدير وقد كان الرسول الكريم يختص النساء بالرعاية والاهتمام ويجعلها شريكة للرجل وأرسي المعالم الأساسية لتكريم وتقدير كل بنات حواء وها هو صلي الله عليه وسلم حين جاءته تشكو لها زوجها قائلة يا رسول الله ان زوجي قال لي "انت علي كظهر أمي" لكنه بعد ذلك طب معاشرتي لكنني رفضت واستعرت ثوبا من إحدي جاراتي وجئت إليك أسألك عن الحل في هذا القسم الذي تحدث به زوجي. فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا أعلم سوي انك حرمت عليه وظلت تشتكي للرسول بينما حاول بخلقه الكريم توصيتها خيراً بزوجها لكن قبل أن تغادر هذه السيدة مكانها نزلت آيات القرآن تؤكد مدي احترام الدين الحنيف لهذه السيدة التي استقر نور الإيمان في قلبها "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلي الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير" ثم جاءت التعليمات بأن كل من يصدر منه هذا القسم مخير بين ثلاثة أشياء. اما عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا.. كل ذلك من أجل رعاية المرأة وحمايتها من أي اعتداء علي كرامتها وفرض عقوبة علي كل من يقع في الخطأ مثل زوج تلك المرأة التي جاءت لرسول الله صلي الله عليه وسلم تعرض عليه أموراً من أهم خصوصياتها فكانت رعاية الله وتقديره لحمايتها تلك المرأة هي خولة بنت ثعلبة وقد كان لها قصة مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وتتمثل في ان هذه السيدة قد شاهدت عمر رضي الله عنه يمضي في الطريق ومعه مرافقه فنادته قائلة: يا عمر فأنصت إليها ولم ينصرف حتي انتهت من حديثها ومن بين ما قالته انها أعادت إلي مسامعه ما كان ينادي به في مكة أثناء صغر سنه ثم أوصته بالعدل بين الرعية وظل عمر ينصت إليها وبعد ان انتهت انصرف مع رفيقه وهنا سأله مرافقه قائلاً: من هذه العجوز التي كنت تنصت إليها. فقال: ألا تعرفها انها خولة بنت ثعلبة التي استمع الله إليها من فوق سبع سماوات فوالله وظلت تحكي أكثر من ذلك ما انصرفت حتي تنتهي من حديثها تلك هي مكانة المرأة ومدي تكريم الإسلام لها بأسمي القيم والمشاعر سابقاً كل العالم بمنظماته وهيئاته ولا غرو فهو دين الرحمة والعدل!!