سألتني: يعني إيه وحوي يا وحوي.. إياحا؟! بأمانة.. لم تكن إجابتي مُرضية. ولا كافية.. فتشت عن المعني.. شكراً لمتعة المعرفة التي وجدتها علي موقع "كايرو دار" بوابة اليوم السابع التعليمية والمعرفية. وبعض مواقع أخري. تحت عنوان: أغنية وحوي يا وحوي.. أصلها فرعوني بصنعة شعبية.. سأنقل ما قرأته حتي تعُم المعرفة. فلا يصح أن نردد أغنية منذ مئات السنين. ونحن نحمل فوانيس رمضان كأطفال ونجول جماعات في الحواري والطرق والشوارع في القرية والمدينة. وفي وجه بحري وقبلي.. ونسمعها في الإذاعة والتليفزيون دون أن يعرف كثيرون منا أصلها ومعناها. اختلفت أشكال الفوانيس وتصميماتها. وصُنَّاعها. وأصبحت تأتينا أحياناً من بلاد الصين. ولم تتغير الأغنية. وبقيت بنفس اللحن. ونفس الكلمات. حتي فوجئت بالسؤال الذي طرحته واحدة من آنسات الأسرة. التي تلقت قسطاً كبيراً من التعليم. وأصبحت مشهورة في تخصصها. وتطل علينا من خلال الشاشة الصغيرة أحياناً وهي لا تعرف معني الأغنية. بالرغم من حرصها مثل كل المصريين علي امتلاك "فانوس" وترديدها بحماس مع الأقارب من الأجيال الصغيرة. "أغنية وحوي يا وحوي" من أشهر الأغاني التي ارتبطت بالشهر الكريم. وبالرغم من شهرتها لا نعرف أصل كلماتها.. تقول كلمات الأغنية "وحوي يا وحوي.. إياحة.. رُحت يا شعبان. جيت يا رمضان.. هل هلالك. البدر أهوه بان. ياللا الغفار.. شهر مبارك وبقاله زمان.. ياللا الغفار.. محلا نهارك بالخير مليان.. وحوي يا وحوي.. إياحة".. إلخ الأغنية. يقول عاطف نوار. الباحث في الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية: جملة "وحوي يا وحوي" كلمة فرعونية بمعني ذهب أو رحل. تُقال في وداع شهر شعبان واستقبال شهر رمضان. وتصبح الجملة معناها: رحل شعبان وجاء رمضان. ويضيف الباحث: وهناك اتجاه يقول إن كلمة "أيوحا" ومعنا "القمر" مما يدل علي أن الأغنية كانت تحية للقمر.. فأغنية "وحوي يا وحوي" فرعونية الأصل. وتحمل صفات الأغنية الشعبية. وأن لها بعداً تاريخياً يرجع إلي 6 آلاف سنة. وهي أيضاً من الأغاني النادرة التي ترددت طوال التاريخ المصري حتي يومنا هذا بنفس نطق كلمات اللغة المصرية القديمة بخطوطها الأربعة: الهيروغليفية. والهيراطيقية. الديموطيقية. القبطية.. والنص الأصلي للأغنية هو: "قاح وي. واح وي إحح" وترجمتها باللغة العربية: أشرقت. أشرقت يا قمر.. وتكرار الكلمة في اللغة المصرية القديمة يعني التعجب. ويمكن ترجمتها أيضاً "ما أجمل قرفتك يا قمر". وأغنية "وحوي يا وحوي أيوحة" هي من أغاني الاحتفاء بالقمر والليالي القمرية. وكان القمر عند الفراعنة يطلق عليه اسم "إحح" وبعد دخول الفاطميين إلي مصر وإنشاء ظاهرة الفوانيس. أصبحت الأغنية مرتبطة بشهر رمضان فقط.. بعد أن ظلت أزمنة مديدة مرتبطة بكل الشهور القمرية. ويفسر الفنان التشكيلي صلاح عناني. كلمة "إياحا".. هي ندهة لأغنية فرعونية ابتهاجاً بظهور القمر. وتغني المصريون بها في احتفالات رمضان لأنه بالرغم من أن مصر كانت تتبع تقويمها الشمسي إلا أنها كانت تستخدم التوقيت القمري. ومن اللافت أن مواقع أخري عديدة انتبهت إلي أن كثير من المصريين لا يعرفون المعني الدقيق للأغنية. أو أصلها. فعلي موقع جريدة "الفجر" نقرأ: أن كلمات الأغنية من تأليف حسين حلمي المانسترلي. وغناها المطرب الراحل أحمد عبدالقادر. وأن الأغنية مستوحاة من الفلكلور الشعبي.. ويقال إن أصل هذه العبارة يرجع إلي نهاية الأسرة السابعة عشر. عندما انتفض الشعب لطرد الهكسوس. وكانت الملكة "إياح حتب" قد قتل زوجها "نقنن رع" أثناء الحرب مع الهكسوس. ثم قتل ابنها "كاموس" أيضاً فأقسمت الملكة أن تنتقم من الهكسوس وقدمت ابنها أحمُس العظيم. لقيادة الجيش. وكذلك قدمت ابنتها نفرتاري. التي كانت زوجة لأحمس. وقادت كتيبة من كتائب الجيش. واستطاعوا أن ينتصروا عليهم ويطردوهم. ويعيدوا مصر للمصريين. وعند عودتهم منتصرين. خرج الشعب يحيي الملكة "إياح حتب" اعترافاً بفضلها ودورها العظيم. في تحرير مصر واستقبلوها بالورود والزينة. وكانوا يقولون "واح واح إياح" أي تعيش "إياح". ويعني اسم "إياح" ولد القمر. أو الهلال. وقد كان المصريون يرددون هذه العبارة عند ميلاد الهلال كل شهر. وبعد انتشار اللغة العربية في مصر تحورت هذه العبارة وأصبحت "وحوي يا وحوي. إياحا".. وارتبطت بقدوم شهر رمضان. والفانوس الصفيح.. ويقال أيضاً إن عبارة "وحوي يا وحوي. إياحا" أصلها يرجع إلي اللغة القبطية. وتعني كلمة "وحوي" اقتربوا. وتعني كلمة "إياحا" الهلال. أي أن معني العبارة هو "اقتربوا لرؤية الهلال". لا يصح مع تعدد وسائل المعرفة ويسرها أن نردد كلمات أو عبارات وأغان عاشت مئات السنين دون أن نعرف أصولها ومعناها.