يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسي "فاذهب أنت وربك إنا ها هنا قاعدون".. "ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون" هذه العبارات التي تحمل أجمل المعاني الصادرة من قلب استقر به نور الإيمان خرجت من المقداد بن عمرو وشهرته المقداد بن الأسود حيث كان فارع الطول أسمر اللون نطق بهذه العبارات وذلك حين توجه الرسول سيدنا محمد بن عبدالله - صلي الله عليه وسلم - إلي أصحابه قبل غزوة بدر قائلا: "اشيروا عليّ أيها الناس. فإن الله قد أمرني باحدي الطائفتين اما العير وإما النفير" فقام في التو واللحظة أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فأحسنا القول وانضم إليهما المقداد بن عمرو باعتبارهم ممثلين عن المهاجرين من مكة إلي المدينةالمنورة. تاريخ المقداد بن عمرو حافل بجلائل الأعمال وهذه العبارات القوية قبل الخروج إلي يوم بدر تنبئ عن قلب مفعم بحب الله ورسوله.. ولم يكتف بتلك العبارات التي جاءت في مقدمة هذه السطور وإنما أضاف عبارات أخري تؤكد مدي صدق إيمانه وعزيمته التي لا تعرف المستحيل حيث أضاف قائلا: "فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلي برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتي تبلغه وان الله سيريك ما يسر به قلبك" وهنا بدا السرور والاشراق علي وجه سيد البشر سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - وقال لأصحابه سيروا علي بركة الله. وقد تحقق النصر للمسلمين في هذه المعركة الفاصلة بفضل من الله وعون منه سبحانه وتعالي "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون" 123 سورة آل عمران. وقد كان للمقداد في هذه المعركة الأولي في الإسلام مواقف وبطولات تؤكد صدق كلماته فقد تمكن من أسر فارس من فرسان أهل مكة وكان من أشد القريشيين تكذيبا لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - وعقب أسره قدمه إلي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فأمر علي بن أبي طالب بقتله فقتله. وقد أثار ذلك مشاعر قتيله بنت الحارث أخت النضر فقالت شعراً: أمحمد يا خير نسل كريمة في قومها والفحل فحل معرق ما كان ضرك لو مننت وربما منّ الفتي وهو المغيظ المحنق إلي أنت قالت: فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عتق يعتق وقد حرك هذا الشعر سماحة سيد الخلق - صلي الله عليه وسلم - فقال: لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه. ظل المقداد قريبا من رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ويعيش مع جماعة المسلمين مشاركا في كل ظروفهم في الحياة وأحبه رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لدرجة انه - صلي الله عليه وسلم - قال: ان الله عز وجل أمرني بحب أربعة من الصحابة وأخبرني بأنه يحبهم. فقيل من هم يا رسول الله؟ فقال: علي بن أبي طالب والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري رضي الله عنهم أجمعين.. هذه لمحات خاطفة من مواقف المقداد.