المقداد بن عمر وشهرته المقداد بن الأسود.. رجل من كبار الصحابة وهو من السابقين للإسلام في أم القري وكان أول من أظهر الدين الحنيف في هذا البلد الحرام. وقد هاجر مع جموع من المسلمين الأوائل إلي الحبشة بإذن من رسول الله عقب شدة الايذاء التي يتعرض لها المسلمون.. ثم عاد إلي مكة وظل قوياً متمسكاً باسلامه. ورغم أن المقداد من قدامي المسلمين إلا أنه لم يستطع الهجرة إلي المدينةالمنورة بعد أن هاجر إليها رسول الله صلي الله عليه وسلم وظل بأم القري إلي أن بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم سرية بقيادة أبو عبيدة لمواجهة المشركين الذين استمروا في عداء أهل الإسلام وشاءت الاقدار إن ينضم المقداد بن الأسود وعتبة بن غزوان إلي كتيبة المشركين بقيادة عكرمه بن أبي جهل وقد التحق المقداد وعتبة بركب المشركين في محاولة للوصول إلي المسلمين وسعيا للالتحاق بالرسول وأصحابه في طيبة الطيبة ومن المصادفات أن الطائفتين من المسلمين والمشركين قد تم الاتفاق بينهما صلحاً دون قتال وهنا سنحت الفرصة للمقدار ورفيقه أن ينضما إلي المسلمين ودخلا المدينةالمنورة التي لم تمكنهما الظروف من الهجرة إليها. وقد ظهر معدن المقداد وأصالته وقوته وظهر مدي تمكن الإيمان في قلبه حين أراد الرسول أن يسير إلي بدر وفي مبادرة من الرسول أراد أن يستشير أصحابه وكل الناس . فقام أبو بكر وتكلم فأحسن الحديث وكذلك قام عمر فتحدث واجاد الحديث. ثم قام المقداد فتحدث بكلمات سجلتها كتب السيرة والتراجم بأحرف لا تزال خالدة وستظل أبد الدهر نبراساً لكل الأجيال قال المقداد "يا رسول الله امض لما أمرت به فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسي "اذهب أنت وربك فقاتلا إناها هنا قاعدون "ولكن أذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فهو الذي بعثك بالحق نبيا لو سرت بنا إلي برك الغماد وهي بلدة تبعد عن مكة مسيرة خمس ليال وقبل بلدة باليمن وعباراته بالحرف: لو سرت بنا إلي برك الغماد لجالدنا معك حي نبلغه" وبعد انتهائه من الحديث ظهر البشر والسرور علي وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأثني علي موقفه خيراً ودعا له بالخير. ومن المفارقات أن المقداد وكان لديه فرس في يوم بدر كما شهد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم أحد وسائر الغزوات وكانت له مناقب كثيرة اشتهر بها كما كان يتمتع بحب رسول الله صلي الله عليه وسلم ومما يؤكد ذلك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم . قيل يا رسول الله سميهم لنا. قال علي منهم وأبو ذر والمقداد وسلمان" رواه ابن بريده عن أبيه. هذا الصحابي كان نور الإيمان قد امتلك وجدانه فظل قوياً مدافعاً عن الدين الحنيف وشهد العديد من المعارك التي خاضها المسلمون لفتح البلدان والامصار ومعه فتح مصر ثم توفي عن عمر يناهز سبعين عاماً في خلافه عثمان بن عفان رضي الله عنه ودفن بالمدينة المنورة