من أهم خصائص الشهر الكريم أنه شهر يجود الله فيه علي عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار. لا سيما في ليلة القدر. والله تعالي يرحم من عباده الرحماء كما قال صلي الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء" فمن جاد علي عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل. والجزاء من جنس العمل. ومنها كذلك أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة كما في حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفا يُري ظهورها من بطونها. وبطونها من ظهورها قالوا: لمن هي يا رسول الله ؟ قال: لمن طيب الكلام. وأطعم الطعام. وأدام الصيام. وصلي بالليل والناس نيام".. وهذه الخصال كلها تكون في رمضان. فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام. وكذلك فإن من فضائل رمضان وخصائصه هذه العبادة الفريدة التي تأنس بها قلوب المؤمنين. وترتاح فيها أفئدة المتقين. وتهوي إليها نفوس الصالحين المحبين..إنها صلاة التراويح. والتي أجمع المسلمون علي سنية الاجتماع لها. وقد ذكر النووي أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح. بمعني أنه يحصل المقصود من القيام بهذه الصلاة التي لا تكون إلا في هذا الشهر الفضيل. ومن أجل هذا الخير العميم كان السلف الصالح رضوان الله عليهم حريصين كل الحرص علي اغتنام موسم الخير والطاعة والغفران في رمصان. فكانوا ينتظرون رمضان بشوق وحنين وقلوب صادقة ليكون سباقا إلي الله جل وعلا في شتي القربات. كان المسلمون يكيفون أنفسهم ومعيشتهم بطريقة تجعل العبادة سهلة. وتجعل هذه الشعائر التي يقيمونها تنطبق تماماً مع النظام اليومي الذي يعيشونه. لم يكن هناك تنافر ولا اضطراب. ولا ضيق. ولا فوات للصلاة. كانوا ينامون بعد العشاء ويستيقظون قبل الفجر. ويدركون ما معني ثلث الليل الأخير الذي يستجيب الله فيه الدعاء. كان هناك تفاعل مع هذا الدين. ورغم اختفاء معالم التوقيت الذي كان يتناسب مع العبادات وفهم النصوص الشرعية إلا أن تلك المعالم تعود في رمضان حيث يفرض نفسه طوال الشهر ما يشعر معه المسلمون في أنحاء الأرض بارتباك شديد. وزلزال عنيف في نظام نومهم ويقظتهم. وعملهم وراحتهم. فرمضان لا يقلب الأمور بل يعدلها. لذا فأول ما يستعد به المسلم لاستقبال شهر رمضان هو أن يحاول أن يعيش نظام اليوم الرمضاني قبله. وذلك لا يتأتي إلا بالصوم والسحور ففيهما العون علي ذلك. فبذكر الله يُعان المؤمن علي كل ما أراد أن يُقْبل به علي ربه عز وجل ولا ننسي أن نؤكد علي أهمية الإعداد والاستعداد لهذا الشهر الفضيل. وأن ترك هذا الإعداد يُعد من النفاق العملي. لكن من أراد تحصيل شيء استعد له. ومَن أراد النجاح ذَاكَر. فمن أراد أن يغتنم هذا الشهر الفضيل أحسن الاستعداد له. ولقد ذَمَّ الله أقواماً زعموا أنهم أرادوا أمراً ولكنهم ما أعدوا له. فقال تعالي: "وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ " "التوبة:" 46 ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء.