استوقفني تعليق للقارئ جمال رضوان علي مقال أمس "الغباء الأمريكي".. وهو بحق من التعليقات الجيدة والواقعية والمحترمة في ذات الوقت. هذا هو سر اختياري لهذا التعليق للتعقيب عليه والذي يأتي في زمن عزت فيه التعليقات الجيدة والواقعية والمحترمة. * * * هناك جوانب في التعليق أتفق فيها مع القارئ العزيز. وجوانب أخري أختلف حولها معه. وجوانب ثالثة تجعلني أشيد بصاحبها وأثمن فكره ووجهة نظره. أتفق معه تماماً في أن أي إنسان في مصر لا يرضي أو المفروض ألا يرضي أن يأخذ مليماً أو سنتاً من أمريكا لأن ذلك خيانة. هذه حقيقة.. لأن أخذ هذه الأموال معناه أنه يرضي بأن يكون أداة لخلق الفوضي في البلاد أو جعلها تابعاً لتلك الدولة. لذلك.. لابد من محاسبة ومعاقبة أي فرد أو حزب أو تيار سياسي أو منظمة من منظمات المجتمع المدني حصل أو حصلت علي أموال مما ذكرتها السفيرة الأمريكية بالقاهرة مارجريت سكوبي مؤخراً.. باعتبار ما اقترفه هؤلاء خيانة للوطن واتفاقاً علي الإضرار به. * * * وأتفق أيضاً مع القارئ في عدم رضاه عن التحاور غير الرسمي مع أمريكا وأن من يتحاور معها في السر أو العلن سوف يكون عدواً لشعب مصر. وسيلفظه الشعب في الانتخابات.. لكني أختلف معه في اعتبار أمريكا عدواً حتي وإن تبجحت علنا بنُصرة عدو لنا "إسرائيل". هناك فرق بين تحاور أنظمة ودول وتحاور أفراد أو جماعات أيا كانت. تحاور الأنظمة والدول ضروري لأن أمريكا تربطنا بها مصالح متبادلة ولا يجوز أبداً قطع علاقاتنا بها.. لكن هذا لا يعني أن تتدخل في شئوننا أو تفرض علينا شيئاً يمس سيادتنا وقرارنا.. ومن حقنا أن نعترض ونرفض أي مساس بهذه السيادة وذاك القرار. لو اعتبرنا كل دولة تساند إسرائيل عدواً لنا فسوف نقطع علاقاتنا مع كثير من الدول وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.. وهذا لا يجوز.. لكن لابد أن تكون هناك أسقف وخطوط حمراء محلية وعربية وإقليمية لا يجوز اختراقها. كما لا يجوز أبداً أن يتحاور الأفراد والجماعات للحصول علي أموال تضرب بها مصالحنا وتتعدي علي سيادتنا وتنتقص من كرامتنا أو تسيس قرارنا لصالح أمريكا وإسرائيل.. أو أن يكون التحاور لفرض أناس معينين يحكمون البلد في المستقبل لتتحول مصر إلي ولاية من ولاياتها!! * * * وأشيد وفي حرارة معه بموقف الفريق سامي عنان رئيس الأركان ورده المفحم علي السفير الأمريكي بشأن الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابل بأن المجلس العسكري لا يتدخل في أمر القضاء ولا سلطة له عليه. موقف مصري أصيل يغلفه الانضباط المعروف عن المؤسسة العسكرية الذي لا يتهاون أبداً في حقوق بلاده. موقف لخصه القارئ في عبارة واحدة هي "أيها الناس.. من يحترم نفسه وشعبه وشركاءه في الوطن. وجب علي العالم أن يحترمه حتي وإن كانت أمريكا". معك كل الحق.. وأضع يدي في يدك وأشد عليها بحرارة.. إنها رسالة للإخوة المرتشين والميكيافيللية ليتهم يفهمونها ويكون عندهم دم ويردون رشاوي أمريكا ويرفضون وعودها.