"اللحن.. الكلمات.. الاحساس.. الصوت".. أربعة عناصر كثيرا ما تتواجد في العديد من المطربين ويبقي السر كيف استطاع العندليب عبدالحليم حافظ أن يستمر بهذه القوة حتي وقتنا الراهن رغم مرور "38" عاما علي وفاته ومازالت أغانيه تتصدر القمة. سؤال طرحته "المساء" في هذا التحقيق للوقوف علي أسرار بقاء العندليب بالرغم من اختفاء الكثيرين من المطربين الذين جاءوا من بعده وأندثروا. يقول الملحن مجدي الحسيني: كل عام يزداد العندليب لمعانا لأنه كان فنانا عظيما وكان ذكيا في اختياره للكلمات والألحان ويتميز باحساسه العالي والكاريزما والموهبة من عند الله والأهم من كل هذا اخلاصه وحبه الشديد للفن بالرغم من معاناته في مرضه الا ان ذلك لم يؤثر علي أدائه بل كان يزداد ابداعا. أضاف: حليم كان من أكثر المطربين الذين يدفعون بسخاء للعازفين ولم يبخل علي فئة حيث كان عدد الفرقة الماسية الأساسية 30 عازفا وعندما كان يغني العندليب تصل الي 120 عازفا علي المسرح وكان يخصص وقتا طويلا جدا للبروفات مثل قصيدة "قارئة الفنجان" التي أخذت تحضيرات من حليم خمس سنوات وبروفات 45 يوما متواصلة من كثرة التغييرات التي كان يجريها حليم علي اللحن والكلمات خاصة انه كان يتدخل في اللحن والكلمات. فهو الفنان الوحيد الذي كان ينفق ويشتري أحدث الآلات الموسيقية للعازفين وأتذكر انه اشتري للراحل عمر خورشيد أحدث جيتار وكان غالي الثمن جدا ولكي يشتري لي "أورج" حديث كان اسمه "السانتيزر" شاهدته وأنا معه بفرنسا قام بتغيير اسمه الي "ميني موج" حتي يكون خفيفا علي الجمهور وباع ساعة يده غالية الثمن حتي يستكمل ثمن الأورج. فالعندليب كان يلبس أغلي الماركات ومن الممكن أن يكون من أغني الفنانين ماليا ولكنه مات ولم يمتلك حتي الشقة التي عاش فيها حيث كانت ايجاراً وكل المال الذي كان يجمعه ينفقه علي فنه وشراء أحدث الآلات الموسيقية للعازفين. يتفق معه المطرب ايمان البحر درويش ويقول: إن العندليب غني لأعظم الشعراء والملحنين في مصر. خاصة أن المبدع ليس المغني ولكن المبدع هو المؤلف والملحن وتطورهم في الكلمات والألحان. وذكاء حليم في اختيار ما يتناسب مع الفترة التي عاشها حتي آخر أيامه جعلته في القمة وبالتالي نجد الأجيال تتغني بألحان بليغ حمدي لأنه رجل له ذوق عال جدا في الجمل والايقاعات الموسيقية المختلفة التي قدمها في أجمل ما يكون مع حليم بالاضافة الي أن حليم "حسه" حلو . تضيف المطربة عفاف راضي: العامل الأساسي في وضع حليم علي القمة أنه كان لديه قبول وكريزما شخصية تجعل الجميع يحبه فضلا عن الصداقة التي كانت تجمعه مع الملحنين والشعراء . ويري الملحن منير الوسيمي: ان العصر الذي عاشه حليم كان عصرا للفن الحقيقي بمعني أنه كان هناك ورش عمل تجمع بين الفنانين والملحنين وشعراء عظماء ومخرجين سينما متميزين هدفهم أن يقدموا أعمالا متميزة فضلا عن صدق حليم الذي عبر عن جيله في ذلك العصر. المطرب محمد ثروت يقول: الأفلام السينمائية التي قدمها العندليب ساهمت بشكل كبير في بقائه علي القمة لأن السينما تطيل عمر المطرب وتحتفظ بالأغنيات.