لماذا يقولون إن المسرح هو أبو الفن والفنانين وأن الفنان المسرحي البارع يمكنه العمل بسهولة في الاذاعة والسينما والتليفزيون لأن المسرح فن مباشر الممثلين يواجهون الجمهور مباشرة بدون أي وسيط ويحاول الفنانون الاندماج في الادوار التي يؤدونها لاقناع الجمهور بالعمل سواء كان عملا تراجيديا أو كومديا أما في الاذاعة والسينما والتليفزيون درجة الاندماج أقل بكثير لأنه يقوم بالتسجيل ويقرأ من ورقة وإذا أخطأ ممكن الاعادة أما المسرح فلا يحتمل الخطأ وكذلك فن الموسيقي والغناء. الموسيقار أو المطرب أو المطربة الذي يواجه ويقابل جمهوره مباشرة علي المسرح هذا هو الفنان الحقيقي. لأن المطرب أو المطربة يقوم بعمل البروفات مع الفرقة الموسيقية ويندمج المطرب أو المطربة مع الفرقة لأنهم سيواجهون جمهور المستمعين وهذا ما كنا نفعله ويفعله باقي الموسيقيين مع أم كلثوم وفرقتها وعبد الحليم حافظ وفرقته وفايزة أحمد وشادية وصباح ومحمد قنديل ومحمد عبد المطلب ومحمد رشدي وفرقهم المرتبطين بهم في العمل. فرقة أم كلثوم كانت مثل المنتخب( المتخب يأخذ اللاعبين الممتازين من كل نادي) وكذلك أم كلثوم فرقتها مكونة من عازف القانون محمد عبده صالح وباقي العازفين من الفرقة الماسية أو الفرقة الذهبية وبعض العازفين من الفرق الاخري. وكان كل المطربين والمطربات يعملون أكثر من بروفة حتي أن الموسيقيين لايلزمهم وضع حامل النوتة الموسيقية أمامهم لأنهم أصبحوا بعد عمل البروفات حافظين للحن كما يحفظه المطرب أو المطربة وهذه هي لحظات الاندماج بين الفرقة والمطرب والمطربة. وهذا الكلام كنا نعمل به في أعظم وأجمل فترة في بلدنا الحبيب مصر الفترة فنية من الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وحتي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وبدأت تزحف وتهجم علينا الاختراعات الكهربائية والالكترونية وأصبح كل من يحمل أو يشتري كمبيوتر ملحنا أو موزعا موسيقي وفقدنا الروح التي كنا نعمل بها وأساء أصحاب هذه الاختراعات استخدامها واستغلوها في عمل الضجيج الفني الموجود حاليا حتي الأفراح التي كان يلتقي فيها الفنان بالجمهور أصبحت تستخدم اختراعا جديدا اسمه الدي جيD.G) يقوم بعمل كل شيء ويستغل أعمال الفنانين والحقيقة انه يسطو عليها ولا يوجد قانون يحدد أو يمنع هذا الاختراع الذي أشاع البطالة بين الموسيقيين وأفسد الذوق عند المستمعين. وروح الجماعة في العمل والانسجام يخرج لنا أعمالا متميزة وهذا موجود في الرياضة والأعمال الجماعية وتسمي روح الفريق والكمبيوتر والالكترونيات ليس لها روح وتفقد الاحساس الذي يقدمه البشر من الفنانين وطبعا معروف الآن في التسجيلات الموسيقية والغنائية نظام التراكمات بمعني أن يقوم عازفو الايقاع بتسجيل كل ايقاعات اللحن ويأتي بعدهم عازفو الوتريات ثم تقوم الآلات الفردية بالتركيب كل هذا يتم في أوقات أو أيام منفصلة لا يعرف عازف الوتريات من هو عازف الايقاع الذي تم تركيب اللحن عليه وهكذا باقي العناصر حتي المطرب أو المطربة لا يهمه أن يعرف من هم الموسيقيون المهم أن يضع السماعات علي أذنيه ويؤدي اللحن وليس له حق الابداع أو الاعادة في المقاطع التي تعجبه وهكذا فقدنا روح الجماعة وأنا لا أريد أن أفرض النظام الذي عشناه في الزمن الجميل ولكن أريد أن أستفيد من الاختراعات الحديثة بحيث لا أفقد روح الجماعة والأماكن والمسارح المحترمة التي تقدم الغناء والموسيقي المصرية والعربية لا تسخدم هذه الاختراعات ويستمتع الجمهور بالموسيقي والغناء الأصيل. وأطالب بعمل تنشيط للأعمال الموسيقية والغنائية قبل أن نفقد البقية الباقية من الأعمال الجيدة وجيل الوسط مسئول عن الالتزام بقواعد الموسيقي والغناء التي فقدنا كثيرا منها وأطالب الاذاعة والتليفزيون وصوت القاهرة ووزارة الثقافة والإعلام ونقابة الموسيقيين بعمل مؤتمر واجتماع لنخرج منه بقرارات تلتزم كل جهات الانتاج بعمل ميزانيات محترمة والتركيز علي الأعمال الجيدة من حيث الكلمة والاداء فحاجتنا وثقافتنا مهمة في هذا الوقت الذي طغت فيه ثقافة كرة القدم.. الموسيقي والغناء صورة للمجتمع المصري ونتمني أن تكون الصورة حلوة.