أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوِي والتشريع بمجلس الدولة بعدم خضوع أعضاء السلطة القضائية والقضاة والنيابة العامة لقانون الحد الأقصي للأجور المقدر بمبلغ 42 ألف جنيه شهريا.. وذلك علي اعتبار أن القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية ليسوا من العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين قصدهم القانون.. وأن السلطة القضائية لا تعتبر من الأجهزة التي لها موازنات خاصة بل هم خاضعون لقانون وكادر خاص. وتسري الفتوي علي جميع الجهات والهيئات القضائية.. وهم القضاة وأعضاء النيابة العامة وقضاة مجلس الدولة وقضاة المحكمة الدستورية العليا وهيئتا النيابة الإدارية وقضايا الدولة. وقد استندت الجمعية العمومية في حيثيات فتواها إلي أن أعضاء السلطة القضائية ليسوا تابعين للجهاز الإداري للدولة.. وبالتالي فهم ليسوا موظفين عموميين ولا يخضعون لقانون العاملين المدنيين بالدولة.. وأن القضاة وأعضاء النيابة العامة لهم كادر مالي خاص ومن ثم لايخضعون لقانون الحد الأقصي للأجور. وفي نطاق بحثها عن مصطلح "الجهاز الإداري للدولة" الذي يخضع جميع العاملين فيه لقانون الحد الأقصي بمقتضي النص الدستوري استنتجت الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع اتجاه المشرع الدستوري لتطبيق الحد الأقصي علي السلطة التنفيذية وأدواتها وأطرافها المختلفة فقط وليس السلطة القضائية المستقلة بحكم الدستور أو أي جهاز آخر لايعتبر جزءاً من السلطة التنفيذية. معني ذلك أن الفتوي حصرت مفهوم "العاملين بالجهاز الإداري للدولة" في الأجهزة التي تندرج في نطاق السلطة التنفيذية بالدولة ولا يشمل هذا المفهوم غيرها.. وذلك علي الرغم من أن القانون نص صراحة علي تطبيق الحد الأقصي للأجور علي فئات محددة حصراً ومن بين هذه الفئات العاملون الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو كادرات خاصة. وبمقتضي هذه الفتوي سوف تعود الأوضاع إلي ما كانت عليه قبل صدور القانون.. ولن تكون هناك مخالفة في بلوغ القضاة ما يزيد علي الحد الأقصي للأجور 42 ألف جنيه بإجمالي ما يتقاضونه من جهاتهم والجهات الحكومية التي قد يكونون منتدبين فيها. ووفقاً للفتوي فإن القضاة هم ثالث فئة تخرج من نطاق الحد الأقصي للأجور.. حيث أعفي من قبل العاملون بالشركة المصرية للإتصالات من الخضوع للقانون وكذلك أعفي العاملون في البنوك المنشأة من خلال شركات مساهمة وأعفي جميع العاملين في الشركات المساهمة من الحد الأقصي الذي لن يطبق إلا علي المحليات وقطاع الأعمال العام والعاملين بالأجهزة الحكومية.. وهؤلاء ممن لايتصور وصولهم إلي الحد الأقصي بالطرق المشروعة. والآن.. هل سيصمد قانون الحد الأقصي أو سيستمر تطبيقه في ظل القرارات القضائية المتواترة بإخراج فئات مختلفة من الخضوع له؟! يقول أهل الاختصاص إن القانون مهدد بعدم الدستورية منذ صدوره بسبب مخالفته للمادة 90 من الدستور التي تلزم بعرض مشروعات القوانين علي قسم التشريع بمجلس الدولة قبل إصدارها.. وهو ما لم يحدث مع هذا القانون.. وسبق أن أوصت هيئة مفوضي الدولة بإحالته الي المحكمة الدستورية العليا بسبب هذه الشبهة. المشكلة ليست في خروج القضاة من نطاق تطبيق القانون.. المشكلة أن كثرة الاستثناءات أجهضت الهدف من القانون.. ولانعرف من السبب في ذلك هل اللجنة التي وضعت الدستور أم اللجنة التي وضعت القانون؟!