لا أدري كيف فات علي الفرنسيين أن وجود الإرهابي الدولي بنيامين نتنياهو في الصف الأول لأكبر مظاهرة تشهدها بلادهم ضد الإرهاب سوف ينال من قيمة وتأثير الصورة التاريخية التي نشرتها صحف العالم لهذا الحدث الاستثنائي.. وسوف ينال أيضا من الاجماع العربي والإسلامي للتضامن معهم وإدانة جريمة "شارلي ابدو". نتنياهو إرهابي محترف.. وحكومته تمارس إرهاب الدولة علي مرأي ومسمع من العالمين.. والأولي به أن يوضع في صفوف الإرهابيين الذين ارتكبوا الجريمة البشعة وليس في صفوف المتظاهرين.. أما مشاركته في الصف الأول فهي لعبة مكشوفة لغسيل السمعة والاصطياد في الماء العكر.. انه يريد أن يقول للعالم إن إسرائيل تحارب الإرهاب نفسه الذي تحاربه فرنسا ويرفضه العالم.. وفي تلك اللحظة الاستثنائية والصورة الاستثائية قد ينسي الناس جرائمه.. وتنجح اللعبة. إن جريمة قتل 12 صحفيا في صحيفة "شارلي ايدو" وقتل 5 مواطنين هود في متجر يهودي بباريس تمثل نموذجاً للإرهاب الأعمي الجاهل.. الذي لا يردي أبعد من موقع قدميه.. بغض النظر عن الاستفزازات التي قامت بها هذه الصحيفة بالإساءة للإسلام وبني الإسلام.. لكن المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.. وأي مقاومة أخري ضد سلطة الاحتلال فتلك حق مشروع تؤيده وتقره مواثيق الأممالمتحدة.. وتؤيده وتقره حركة التاريخ الإنساني في مسيرتها للتحرر من العبودية والاحتلال. لا تماثل ولا تشابه بين الإرهاب والمقاومة.. ومنذ زمن بعيد حاولت إسرائيل الخلط بين المفهومين.. لكن الرهان دائما كان علي وعي العالم المتحضر في أن يقف ضد هذا الخلط ويرفضه.. ومن ثم كان علي الفرنسيين أن ينتبهوا إلي لعبة نتنياهو.. ويرفضوا حرصه علي أن يكون في الصف الأول إلي جانب رئيسهم أولاند صاحب المناسبة.. حتي ينال القسط الأوفر من الأضواء في هذا الحدث العالمي. الغريب أن مشاركة نتنياهو بهذا الشكل الفج لم تثر اهتمام أو انتباه أحد الزعماء العرب والمسلمين الذين كانوا في المظاهرة.. ولم يصدر عن أي منهم تصريح أو تعليق يذكر العالم بجرائم هذا الإرهابي في حق الشعب الفلسطيني.. والأغرب أن من يقوم بهذه المهمة في هذا التوقيت هي صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية ربما لأسباب تتعلق بالانتخابات القادمة. نشرت "هاآرتس" رسما كاريكاتورياًً يذكر بمقتل 13 صحفياً خلال العدوان الإسرائيلي علي غزة في الصيف الماضي.. وربطت بين الجريمتين بوضع شعارين: "أنا شارلي ايدو" و"أنا غزة".. للتعبير عن التضامن مع الصحفيين الذين قتلوا هنا وهناك. كان نتنياهو قد استفز المشاعر الوطنية للفرنسيين عندما وجه نداء قبيل المظاهرة ليهود فرنسا ويهود أوروبا قال فيه إن إسرائيل ليست فقط القبلة التي تتجهون إليها في صلاتكم لكنها أيضا وطنكم الذي يرحب بكم لكي تعيشوا فيه بكل حرية وأمن.. والواضح أن الفرنسيين بلعوا له الإهانة حتي تمر المناسبة بسلام. ولا أعرف إن كان الفرنسيون قد مارسوا أي احتجاج بعد ذلك من خلال القنوات الدبلوماسية أم لا.. لكن الذي أعرفه أن صمت فرنسا علي حضور نتنياهو الطاغي في هذه المناسبة أضر بالاجماع العربي والإسلامي علي التضامن معها.. ونكأ جروحاً قديمة عن ممارساتها في الجزائر وسوريا والعراق.. واتهامها بتشجيع العداء للإسلام.