جاء قداس عيد الميلاد المجيد بطعم جديد هذا العام علي الرغم من كل التحديات الصعبة التي تحيط بمصر والمنطقة العربية فكانت بحق ليلة عيد بطعم الفرح والمودة تلاحم فيها النسيج الوطني الأصيل ليؤكد أن المصريين دائماً وأبداً قادرون علي الصمود والتصدي لكل ما يواجه ويهدد مستقبل الوطن. في ظل الدعوات الشاذة التي انطلقت من بعض الأفواه بأن تهنئة الأقباط بعيدهم حرام شرعاً متناسين أن أقباط مصر هم المسلمون والمسيحيون. جاء الاحتفال بعيد الميلاد ليؤكد أننا لا نقبل تمزيقاً ولا نقبل محاولات التقسيم فمصر وطن يعيش ويسكن في قلوب المصريين. المصريون قادرون علي تجاوز أية فتن تهدد الوحدة والتلاحم. تنطلق كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي في قاعة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تهنيء المصريين بالعيد تؤكد علي الحب والترابط وتذكرهم بأنهم أهل وأبناء الحضارة التي علَّمت العالم معاني الإنسانية كلماته الصادقة البسيطة الواضحة رسالة صريحة قوية للعالم أجمع بأن المصريين لا ينقسمون فالروابط التاريخية أقوي وأكبر من أية قوي ظلامية وإرهابية لأننا نحمل إيماناً راسخاً وعقيدة قوية بمصريتنا الأصيلة العريقة الضاربة في أعماق التاريخ. تحضرني كلمات قداسة البابا تواضروس حين التقيته العام الماضي في حوار صريح من القلب اختص به قداسته جريدة المساء فقد أكد علي أن المصريين لديهم رغبة عارمة ونية صادقة في التلاحم والنهوض بمصر وتغيير الواقع الصعب الذي عاشوه علي مدار السنوات الماضية فنحن أصحاب إرادة وعزيمة وصبر يقهر المستحيل موضحاً أن الأديان السماوية جاءت لتكون أساساً للوفاء والألفة ومصر علي مر العصور كانت رمزاً للتسامح وعنواناً للوسطية والاعتدال ونهر النيل الذي عاش ويعيش عليه أبناء الشعب يظهر بوضوح وجلاء رغبتهم في التعايش في سلام وأمان لذلك فإن مصر قادرة علي مواجهة كل أعمال الإرهاب الجبان والتطرف وسوف تستطيع هزيمته ومواصلة طريقها نحو البقاء والتنمية. كلمات البابا دوماً رسائل محبة وتسامح وصلواته من أجل السلام والاستقرار والهدوء ودعواته أن نقيم سداً منيعاً ضد تيارات العداء التي تريد النيل من وحدتنا وإرادتنا. نعم قداسة البابا لا فرق بين مسلم ومسيحي وكلما اشتدت الأزمات والمعارك تظل الوحدة الوطنية هي الحصن المنيع والسياج القوي الراسخ الذي يحمي أبناء مصر من كل محاولات الهدم أو التفتيت. لابد أن نعي جميعاً أن عواقب الخلافات والصراعات لن نجني من ورائها سوي الضعف والتراجع والعودة للوراء. أدعو الله أن يحفظ مصرنا الحبيبة شعباً وأرضاً وأن يظل صدي عيد الميلاد المجيد ورسائله الإيجابية تبعث الأمل في النفوس وتقيم سداً منيعاً ضد كل المحاولات الهدامة التي تريد النيل من ُلحمتنا الوطنية.