مشاهد محزنة تلك التي نتعرض لها يوميا منذ تنحي الرئيس السابق وانهيار نظامه السياسي.. بدأت بمظاهرات فئوية بعضها مشروع والبعض الآخر العكس ومرت بأحداث فتنة طائفية وكان المتهم الرئيسي في كل تلك الأحداث جاهزا وهو الثورة المضادة وفلول النظام السابق. ولأنني مؤمن بأن النظام السابق مات ودفن في مزبلة التاريخ وكل من كان ينتمي اليه قفز من السفينة في محاولة ركوب موجة الثورة والالتفاف حولها والانضمام لركبها لذلك فإنني استبعد تماما فكرة فلول النظام والثورة المضادة في كل الأحداث التي تمر بنا. ولعل ما يستحضرني في ذلك مقولة عمرو بن العاص الشهيرة عندما سئل عن مصر بعد فتحها قال "نيلهم عجب ونساؤهم لعب ورجالهم عبيد لمن غلب" هكذا هو حالنا منذ أيام الفتح الإسلامي وسنستمر هكذا الي أبد الأبدين. لذلك فإن قطع الطرق والسكك الحديدية والتظاهر في غير محله ومحاولة لي ذراع الدولة إنما مبعثه الأساسي التيقن بأن الدولة ضعيفة وهشة ومسألة الضغط عليها لتحقيق مكاسب شخصية أمر مضمون النتائج والعواقب لأنها ستستجيب لكل المطالب في محاولة لكسب رضاء الناس. وهنا فإن هيبة أي دولة حتما ستضيع لأن الدول لا تدار من الشوارع بل وفق أرقام وحسابات ومنطق المصلحة العام والتصدي لمحاولة كل من يحاول الاضرار بتلك المصلحة العامة. أما ثاني الأسباب فهي نسبة الجهل والأمية التي تنخر في جسد المجتمع فتجعل الكثيرين من أفراده يرتكبون حماقات لأهون الأسباب ومثال ذلك ماحدث في العياط من قطع لشريط السكك الحديدية بسبب محطة محول تلك الاشكالية التي كانت تحل في خمس دقائق قبل الثورة لكنها الآن تحولت الي أزمة طاحنة ولو كانت للدولة هيبة بعد الثورة لأصدرت الحكومة قرارا سياديا بمنع خدمة المحمول عن العياط بالكامل لمدة سنة ووقتها كان أهالي تلك البلد الطيب سيسرعون لمنع صدور مثل هذا القرار. إذن القوة والحسم هما أساس حل أي مشاكل شخصية وذاتية وإلا فليقل لي عاقل لماذا يقطع أهالي مدينة السلام طريق الكورنيش بسبب مشاكلهم مع ملاك الشقق التي يستأجرونها هل الحكومة السبب؟ لا أعتقد ولكن السبب الحقيقي أنه لم تعد هناك دولة ولا هناك عقل لدي الناس.