في حوار تطرق إلي العديد من القضايا في الفن والإعلام والسياسة تحدثت الفنانة آثار الحكيم ل"المساء الأسبوعي".. قالت إنها لم تتمالك نفسها من الفرحة في يوم الاستفتاء علي إجراء التعديلات الدستورية وقامت بإطلاق "زغرودة" من بلكونة شقتها ابتهاجاً بخروج الشعب للمشاركة لأول مرة. ألقت آثار المسئولية علي النظام السابق في انهيار الفن والإعلام المصري جراء عدم الاهتمام بهذا المجال الحيوي وعدم إعلاء قيمة مصر التي اكتسبت مكانتها عبرالتاريخ بدون شطارة من أحد. علي حد وصفها. حذرت من أن استمرار العشوائية في عمل التليفزيون المصري ستؤدي إلي انهياره فليس معقولاً أن يضم في جنباته ما يقرب من 43 ألف موظفة والإعلاميين وسطهم 6 آلاف فقط. أرجعت ضحالة فكر المذيعين والمذيعات المصريات إلي سياسة التعيينات بالواسطة التي لا تشجع علي الابتكار ومحاولة التفرد. تساءلت: هل حققت الثورة أهدافها؟.. ولماذا تفكر حالياً في اعتزال الفن.. * لماذا تشعرين بالغضب من الفن ووسائل الإعلام؟ ** في العصر السابق كانت سياسة الدولة عدم الاهتمام بالفن والإعلام في ظل غياب الدين الوسطي.. وهذا أمر سيئ للغاية ويهدم المجتمعات الحديثة. وبالمناسبة مصر اسم كبير وله دلالات بدون شطارة من أحد. بل هي منة وهبة من الله سبحانه وتعالي والتاريخ يشير إلي ذلك عندما كلم سيدنا موسي ربه من فوق جبل الطور.. وزواج سيدنا إبراهيم من هاجر المصرية وزواج سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من ماريا المصرية.. وسيدنا يوسف دخل مصر مملوكاً وأصبح مسئولاً. فأري أن ريادة مصر التي خصها الله بأكبر مساحة وأكبر تعداد سكاني لتكون ذات مكانة مهمة علي الأرض فهي ليست من البشر ولكن من رب البشر. * ماذا ينقص الإعلام المصري ليظل رائداً؟ ** المنافسة الآن بين قوي الإعلام في العالم كله قوية وشرسة.. ونحن نبعد أنفسنا بأنفسنا عنها. ولو ركزنا علي التليفزيون المصري سنجد به مشاكل عديدة تجعله بعيداً عن المنافسة.. فالبرامج بالقنوات الخاصة بها إعداد عال جداً ومذيع لديه ثقافة بكل شيء وبما يحدث في مجتمعه.. ليست المسألة ضيفاً تطرح عليه بعض الأسئلة ليجيب عنها.. بل الإعلام الآن صناعة تعتمد علي الإعلانات وكيف تجذب المشاهد وتضيف إليه لا تضيع وقته. * هذه المقومات ألا تتوافر بالتليفزيون المصري؟ ** التليفزيون يتراجع بشكل رهيب بعد ثورة 25 يناير.. كل شيء فيه خاضع للعشوائية.. مثلاً كنت أشاهد القنوات يوم السبت الماضي ففوجئت بعرض حلقة للشيخ الشعراوي التي كنا نراها قبل رحيله.. وذلك بدون تنبيه أو احترام لوقت المشاهد في إعادة الأعمال التي يهتم بمشاهدتها من خلال جدول واضح. * لماذا اختفت الموهبة بين المذيعين في ماسبيرو في رأيك؟ ** لأن المذيع بالتليفزيون المصري يأتي بالتعيين والواسطة فيضمن المرتب والحوافز والمكافآت والترقيات.. بينما نري المبدع الحقيقي لا تهمه الوظيفة.. تركيزه في مخزون عقله فهو يريد تزويده بالمضمون الثقافي بكل المجالات.. أري مثلاً لميس الحديدي مع اختلاف الرأي حولها لكنها نموذج وسط من المذيعات فهي ليست الحادة في أسلوبها مثل مني الحسيني وليست الهادئة جداً مثل مني الشاذلي.. أراها تتحدث في كل مجال بشكل متوازن وهذا شكل جيد للمذيعة حالياً من وجهة نظري. * إذن التعيين نقطة ضعف في ماسبيرو؟ ** هل يعقل أن يجمع التليفزيون 43 ألف موظف والإعلاميين بينهم 6 آلاف فقط.. مطلوب إعادة توزيع الموظفين علي المصالح والهيئات حتي نكون أمناء علي اسم مصر الكبير لنتحدث لغة الإعلام الحقيقي وندخل المنافسة الشريفة. * هل إمكانيات التليفزيون تكفي للتطور المنشود؟ ** أشعر بالأسف للإمكانيات المتاحة للبرامج والتي تصور في غرف وليست في بلاتوه أو استوديو. ولا توجد كاميرات جاهزة لتصوير الأحداث الطارئة بحيث تسرع إلي المكان لتصويره. كما تفعل الجزيرة والحرة.. أين الإيقاع السريع في برامجنا للأسف أشاهد أثناء المتابعة اتصالات بالضيوف ويقطعون عليهم المحادثات حسب تعليمات المخرج وهذا أمر مخز. * هل هناك من تثقين في تقديمه عملاً عن ثورة يناير؟ ** أولاً أفتقد أسامة أنور عكاشة الذي كان يمكنه فعل ذلك بعد مرور عامين أو ثلاث علي الثورة وأيضاً أفتقد العالم د. عبدالوهاب المسيري. وثانياً: أري في وحيد حامد ومحمد جلال عبدالقوي ويسري الجندي الفرصة لتحقيق هذا المطلب وإن كان كل واحد يقدمها من وجهة نظره المهم أن نصل إلي دراما تعبر عن هذه الثورة الجليلة التي لم تتم أهدافها بعد. * ولماذا؟ ** لوجود أشباح النظام السابق. وعند تغييرهم سنري تغييراً حقيقياً في حياتنا.. وبعد صياغة دستور يعبر عنا وانتخابات حقيقية. * لديك تخوفات من دخول الدين في السياسة لماذا؟ ** لأن السياسة من الأمور الدنيوية التي تسمي بالإنجليزية "ديرتي جيم" أو اللعبة القذرة لما بها من مناورات وتنازلات ومصالح مشتركة.. من حق أي شخص أن يلعبها ولكن من الأمانة أن تكون واضحة أمامنا ولا تبني علي الدين الذي يتسم بالقدسية والرهبة والهيبة. ويوضع فوق الرءوس. فلا تدخل به الأمور الدنيوية. * ما أسباب تفكيرك في اعتزال التمثيل؟ ** لا استمتع بممارسة الفن الآن.. توجد رموز الفساد الذين ساهموا في ضعف الفن بممارسات تقوم علي المصالح والمنفعة الشخصية ومن تمت إقالتهم من مناصبهم لم تفتح ملفاتهم بعد رغم إهدارهم للمال العام.. وأذكر أن مسلسل "الحارة" تقدمت به منتجة لأول مرة لتعمل في هذا المجال وحاربوها حتي أفلست وأدار العمل نجل راوية بياض رئيس قطاع الإنتاج.. وعندما لم تستطع المنتجة تكملته قدموا العمل إلي قناة بانوراما لشرائه. وهناك أمور عديدة شبيهة بهذه التلاعبات كانت تحدث وأثرت سلباً علي مستوي الدراما.. ومسلسلي الأخير "الوتر المشدود" تعرض لأمور غريبة لم أتوقعها. كانت الدراما تسير بمبدأ من معي ومن ضدي.. وأنا لست لاعبة تنس لأمارس مهنتي بمفردي بل هناك فريق عمل كامل لا أضمن أن يكونوا أصحاب ثقة. والمسألة ليست أكل عيش كما يردد البعض بل الفن رسالة ولابد من تنفيذها علي أفضل مستوي. * من المرشح لرئاسة الجمهورية الذي توافقين عليه حالياً؟ ** لم يظهر بعد الشخص المناسب للمرحلة الجديدة من وجهة نظري.. لكن الأهم قبل ترشيحات الرئاسة إعداد الدستور الذي يعد المطلب الجماهيري الأول.. ونشكر المجلس العسكري لوقفته إلي جانب الثورة وعليه إتمام هذه الرغبة الشديدة لنا جميعاً.. وأقول رفقاً بالشعب المصري الذي استنفد طاقاته أثناء الثورة ويدخل الشهرين المقبلين علي انتخابات مجلس الشعب التي أراها تكسير عظام للناس الذين سيخرجون من شهر رمضان.. وبهذه المناسبة أرجو اعتماد الانتخابات بالقائمة النسبية والابتعاد عن الفردي منعاً للرشاوي وإذا حدث ذلك اعتبره جميلاً آخر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة للشعب المصري. * لكن الاستفتاء الأخير حسم مسألة التعديلات الدستورية؟ ** أحب أن ألفت النظر إلي هذه النقطة فالاستفتاء الأخير كان اختباراً حقيقياً للمجتمع المصري يومها في الصباح الباكر خرجت إلي شرفة منزلي كانت أمامي مدرسة اعدادية للبنات تم فيها إجراء الاستفتاء ولسكان منطقة المهندسين حيث أسكن لم أصدق عيني من الطوابير التي التفت حول المكان لدرجة أنني أطلقت "زغرودة" فرحاً بالعدد الموجود ثم دخلت مسرعة إلي شقتي حتي لا يراني أحد لأنه تصرف لا إرادي مني. ونزلت إلي المدرسة مسرعة لأول مرة في حياتي للإدلاء بصوتي.. وفوجئت بثلاثة أشخاص ينتمي كل منهم لاتجاه معين يحاولون "فركشة" التصويت ولم يقدروا علي تنفيذ مخططاتهم. * ما رأيك في ظهور السلفيين والإخوان والأقباط علي الساحة السياسية فجأة بعد الثورة؟ ** هذا أمر لم يكن موجوداً خاصة في عصر عبدالناصر وبدايته مع السادات.. أما النظام السابق لمبارك فحاول استخدام الفتنة الطائفية لإلهاء المجتمع عن مشاكله الحقيقية وحتي يستطيع التحكم أكثر في الناس والقبض عليهم وإبعاد الخصوم وهذا كارت غير شريف استخدمه النظام لصالحه.. وأذكر حوار المفتي د. علي جمعة في حديث قريب أدهشني جاء فيه أن مسئولاً كبيراً رد عليه في طلب لعمل خطة محو أمية المصريين فقال المسئول: "نحن نريد الشعب أُمَّياً" ولذا نجد الجهل بالدين انتشر كثيراً. * لوحظ اهتمام نجوم الفن بالكلام في السياسة والثورة أكثر من الفن.. ما السبب؟ ** أري سبب ذلك عشق الوطن من جانب الفنانين. فأنا مثلاً منذ ثورة 25 يناير لا أشاهد فيلماً أو مسلسلاً.. ونحن نتعلم "ألف باء السياسة" من جديد من المتخصصين.. حتي ربات البيوت أصبحن يشغلن أنفسهن بالسياسة.