** سيدتي: عمر الآن 60 عاما وعلي المعاش.. لدي زوجة سليطة اللسان وأربع بنات ولا أخشي من شيء إلا ان يصبحن مثل أمهن ما عدا واحدة منهن تخاف علي وتعاملني برقة.. اكتب لك مشكلتي بعد صبر أكثر من ثلاثين عاما ولا أعرف كيف مرت السنوات ولا أعرف لماذا لم اشك قبل الآن ولكن أعرف لماذا تحملت لأجل بناتي!! نعم بناتي اللاتي ليس لهن ذنب في وجود تلك المرأة في حياتي.. والتي سودت عيشتي.. حتي الانجاب يا سيدتي كان بلي الذراع وسأحكي لك من البداية عندما تزوجتها كانت مثالا للزوجة التي تسمح الكلام المحبة التي لا تنام إلا وأنا راض عنها.. شهر شهور وانتهت القصة وقررت ان تعمل فهي تشعر بالملل وأنا اخرج لوظيفتي الصباحية وعملي المسائي الذي أحاول به تحسين حالنا فتعرفين جيدا مرتبات الموظفين في بلدنا ولأنها تعرف في تفصيل الملابس والخياطة جيدا قررت ان تعمل مشغلا ووافقت وحولت حجرة في المنزل كمشغل.. ولأن بيتنا الذي هو بيت أسرتي من المباني القديمة الواسعة ونظامها يسمح بذلك منحتها الغرفة التي علي السلم بباب منفصل وجهزتها وبدأت العمل الذي كان يأخذ منها وقتا طويلا ولكنها في البيت فلا خوف عليها هكذا كنت أظن ولكنها كانت الخوف نفسه فبعد عام من انجابنا الطفلة الأولي قررت ان تنجب ثانية عملا بنصيحة اختها كي يتربوا مع بعضهما وعندما جاءت بنتا قالت لابد ان انجب لهما أخا شرحت لها ان الله رزقنا بالطفلتين وكفي وأنا لا افكر كالجهلاء من الناس في نوع ما يرزقني به الله لكنها اصرت فكانت الطفلة الثالثة فالرابعة وبدأت اشعر بعجزي الشديد أمام النفقات التي قسمت ظهري ومددت يدي للأصدقاء والأقارب واصبحت أبدوا أكبر سنا مما أنا عليه وكان الحل ان تأتي أمها للعيش معنا وتتفرغ هي للمشغل كي تساعدني وبالفعل حدث هذا واصبحت بناتي بين بيتي وبيت حماتي وزوجتي تنتشر كخياطة ماهرة يوما بعد يوم حتي أصبحت تدخل للبيت ما يفوق راتبي خمس مرات وتحول الأمر منذ ذلك الوقت اصبحت هي الرجل الذي يأمر وينهي ويأخذ القرارات وأنا الصامت الذي لا حول له ولا قوة فالمال مالها وأنا مجرد زوج وأب فقط وأحيانا تتناسي هذا الدور.. كانت تعمل ليل نهار ولم تعد تهتم لدخولي أو خروجي للبيت وبدأت اشعر انني عفوا مجرد كلب تقتنيه الست للحراسة فقط.. رجل.. أو صورة رجل تهش به علي اللصوص والطامعين.. ومرت السنوات حتي انها لم تعد تسألني عن مرتبي ولاتطلب أي مصاريف مني وجاءت الطامة الكبري بعد أن كبرت البنات وعرفن ان كل شيء في يد أمهن وأنني الرجل العاجز فكانت تتعامل معي باهمال شديد الا ابنتي الكبري هي الوحيدة التي كنت اجد لديها الحنان والعطف ثم جاءت لحظة الفصل عندما بدأت البنات في الزواج وبالطبع هي التي تتولي هذا من التجهيزات وغيرها ولكن الادهي هو انها كانت تتفق بدون وجودي مما دفع نسايبي للاستهتار بي. ضاق صدري بما يحدث حاولت الكلام معها انفجرت في وجهي قائلة "خلاص شيل الليلة" جهز واشتري وادفع واتصرف كرجل.. ممكن تصدقي زوجة محترمة تقول هذا الكلام لزوجها.. تعايرني بعجزي لأكثر من ثلاثين عاما وأنا صامت ولكنني لم اعد احتمل فاض بي يا سيدتي ولا اعرف كيف اتصرف لم اعد رجل هذا البيت ولا حتي في عيون بناتي ولا اسرتها أنا مجرد شيء تافه في حياة أسرتي.. فماذا تنصحيني ان افعل.. مع العلم اني اختي قالت لي يوما انني سبب نعمتها فالبيت الذي حولته لمشغل بيت أبينا وانني من المفروض ان اخذ منها ايجارا وكوني لا افعل هذا كرم مني.. زوجتي تشبه أمها التي كانت تعمل في مجال تجارة الملابس ولها محل تتاجر فيه وتشتري بضائع وتتعامل مع التجار ولكن هذا كله كان بعد وفاة زوجها ولم اكتشف انها تتقمص دور أمها الا بعد فوات الأوان.. نساء يعشقن دور الرجال لحد الأذي.. دليني سيدتي بارك الله لكم. ** عزيزي: تأخرت افاقتك كثيرا.. واعتقد انك لم ترسل لنا راغبا في الحل بقدر رغبتك في الفضفضة.. أنت يا عزيزي استمرأت ما قدمته زوجتك طوال ثلاثين عاما وعندما قارب المشوار من النهاية قررت ان تنهض من غفوتك.. ليس عيبا ان تكون قليل المال فهذا رزقك الذي وهبه الله لك ومادمت تسعي ولست ممن ينامون بالبيت منتظرا ما تأتي به الزوجة فلا ضير.. وهناك أمثلة كثيرة علي ذلك اعني المرأة كثيرة المال والرجل خال الوفاض.. ولعل اشهرها زواج السيدة خديجة بنت خويلد بالنبي الذي كان يتاجر بمالها أي يعمل لديها.. ولكن من من النساء خديجة بنت خويلد ومن الرجال سيدنا رسول الله.. الوضع لا يمت بصلة ولكنه الشبه الذي يركن إليه البعض ليريح ضميره.. فرغم مالها عاشت السيدة أم المؤمنين علي نفقة زوجها ولم يعش عالة عليها. ننتقل لحالتك.. صبرت المدة الماضية والتي هي عمر طويل تشكلت فيه أوضاع كثيرة لا يمكن تغيرها الآن خاصة وانه ليس هناك أي متغير حدث فلا أنت اصبحت ثريا ولا تغير الوضع علي العكس اصبحت علي المعاش وهذا يقلل المال وربما تكون تركت عملك الاضافي.. بل انك وافقت علي الا تطالبك بمال ومصروف للبيت منذ سنوات طويلة.. صبرت لأن هذا يريحك والآن ربما اغضبك منظرك أمام نسايبك فقط ورغبت في دورك الطبيعي.. وهذا حقك وقلة وعي من زوجتك فصورتك أمام أهالي ازواج بناتك مهمة لهن اكثر مما هو لك ولكن زوجتك التي تعلم انها منانة وتعايرك بفقرك كما ذكرت لي في كثير من المواضع والتي أصبحت القوامة لها بما انفقت.. لم تفهم ذلك انت كل تلك السنوات تنازلت قلة حيلة ثم تراخي.. ربما كانت الأمور تغيرت لو تحول المشروع بينكما لشراكة حقيقية منذ البداية انت بالمكان كما قالت شقيقتك وهي بالمجهود ولكن هذا لم يحدث ولم تحاول ان تفهم زوجتك ان الايجار لهذا المكان كان ليكلفها مبلغا من المال وقد وفرته لها.. لم تفهم ان التعاون بينكما شيء وامتلاك كل شيء ومصادرة وجودك شيء لا ترتكبه الا سيدات لم تترب فيهن اية قيمة اخلاقية.. هي تغولت وانت استسلمت فكان ما كان فلماذا تبحث بعد الستين عن دور للبطولة وقد قبلت الدور الثانوي لثلاثين عاما؟ يا عزيزي في مشكلتك أمامك أحد أمرين الأول ان تستمر كما انت وقد فضفضت ما بصدرك ولعله يريحك بعض الوقت أو ان تعقد اجتماعا مع زوجتك باللغة التي تعرفها وهي لغة المال وتطالبها باخلاء المكان من المشروع أو أن تستأجره منك بالمال وتتعدل صيغة الانفاق في البيت وتصبح أنت من ينفق دون استسلام لقوة وسلطان صرفها هي.. وتحاول ان تكون القوامة لها ولا أظن الأخيرة ستأتي بنتائج مع طبيعة زوجتك السليطة والقوية فهي تربية تاجرة ومثل هؤلاء يحسبون كل شيء مكسب وخسارة قد تستأجر مكانا آخر وتترك لك غرفتك.. وقد تدفع لك القيمة وقد يتحول الموضوع لتحد.. احسب نتائج كل أمر وتذكر ان قبول المثلبة منذ البداية والصمت عليها لن يعطيك حق الانتقاد أو التغيير بعد سنوات من الصمت.. فكر مليا وتحدث مع بناتك وان كان الأمر ليس مضمونا فقد تخليت عن دورك في القوامة والتربية وكل ما يجعل لك سلطة ابوية.. ليس أمامك إلا المراهنة علي مشاعرهن أو مصلحتهن أمام عائلات ازواجهن لو ترسخ لهن انهن نساء بلا رجل. تحدث وعد إلينا والله المستعان ولعلي أوجه من خلال شكواك نداء لكل الشباب والشابات الصمت علي الخطأ جريمة لن تشعر بها إلا بعد مرور سنوات العمر أو حين لا يكون هناك خط رجعة.