لو كانوا قد قرأوا الأحكام الصادرة ضد المتحرشين بالفتيات وعرفوا أن المحكمة اعطتهم أقصي عقوبة وهي المؤبد لمن هم فوق سن الثامنة عشرة والمشدد مع الشغل لمن هم أقل من هذه السن لمدة عشرين سنة لما أقدموا علي هذا العمل الذي قضي علي مستقبلهم!! لقد قلت من قبل في موضوع التحرش إن المتحرشين لا يمكن أن يكونوا قد قرأوا هذه الأحكام. ولو أنهم قرأوها وعرفوا أن مصيرهم سيكون إلي ضياع ما أغرتهم هذه الأعمال التي يستعدون فيها بالفتيات. وقلت أيضاً إن هؤلاء المتحرشين إما أن يكونوا أميين لا يجيدون القراءة والكتابة وإما أنهم لا يشاهدون التليفزيون ليعرفوا مصير من سبقوهم حتي لا يتعرضوا لمثل هذه الأحكام الرادعة. لقد نشطت الشرطة ومبادرة "شفت تحرش" وتحرش "كي. جي. تو" في التصدي لهذه الأعمال بقوة في أول أيام عيد الفطر المبارك. واستطاعت القبض علي بعض المتحرشين. بينما غابت الشرطة عن بعض الأماكن الأخري لولا أن بعض الشباب تعرضوا لهم وابعدوهم عن هذا العمل. القت الشرطة في أول أيام عيد الأضحي القبض علي أحد المتحرشين بحديقة الفسطاط. بعد أن تحرش بمجموعة من الفتيات.. وحاول بعض الشباب منعه عن هذا العمل لكنه أصر علي التحرش بهن فتدخلت الشرطة والقت القبض عليه وأدخلته السيارة للذهاب به إلي النيابة. أما مبادرة "شفت تحرش" فقد انقذت فتاتين أجنبيتين من محاولة تحرش جماعي من قبل حلقة من الشباب احاطوا بهما أثناء تجولهما بشارع كورنيش النيل. واستطاعوا إنقاذ الفتاتين. وفي أسفل كوبري أكتوبر بميدان عبدالمنعم رياض تعرضت ثلاث فتيات لمحاولات تحرش جماعي وسط غياب أمني الذي ركز جهوده علي شارع كورنيش النيل. حيث حدثت مشادات كلامية بين هؤلاء الفتيات والمتحرشين انصرف بعدها الشباب نتيجة لهذه المشادة. إن ظاهرة التحرش التي تدخل ضمن ظاهرة الانفلات الأمني الذي شاع في مصر عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو لا يقل خطره عن أية أعمال أخري يبدو فيها الأمن منفلتاً كالاعتداء علي الإناث وخطفهن واغتصابهن وكقطاع الطرق وغيرها ممن يستولون علي سيارات المارة وغيرها. والحقيقة التي لا جدال فيها أن أحكام محكمة النقض اعطت هؤلاء المتحرشين درساً قاسياً في الأحكام التي صدرت ضدهم.. وقالت إنهم حصلوا علي أقصي عقوبة.. فالقانون وضع لحماية المجتمع والحفاظ علي الأعراض وحتي يكون رادعاً لكل من تسول له نفسه أن يمس إحدي سيدات أو نساء مصر. لكن السؤال هنا: هل تختفي ظاهرة التحرش بالفتيات بصدور هذه الأحكام القاسية ضدهم؟! وأقول: لا.. لأن هناك الكثير من القتلة والسارقين بالاكراه والمغتصبين وغيرهم يرتكبون جرائمهم ويخفون أنفسهم عن الأعين ظناً منهم أن عين الشرطة لن تنالهم. لكن الشرطة عندما ترصد أعمالهم وتقدمهم إلي المحاكمة وتصدر هذه الأحكام ضدهم "يومئذ لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار" صدق الله العظيم.