نظرت إلي صورتها وتأملتها.. شابة يافعة في مقتبل العمر.. يبدو وجهها من الصورة وجهاً ملائكياً.. فيه صفاء يعكس روحاً مفعمة بالأمل.. وفيه طهر يدل علي نقاء السريرة.. وفيه وسامة وجمال ينطق بآية من آيات الله في خلقه. نظرة عينيها في الصورة تقول لك: ها أنا بنت المستقبل.. أنا بنت جيل مصر القادم المؤمن بالحب والعمل والبناء.. أنا الطموحة التي سأضع يدي مع أيادي أبناء جيلي لنعوض سنين القحط الإنساني الذي عانته مصر علي مدار عشرات السنين.. أنا المؤمنة بالقيم الإنسانية النبيلة.. أنا ابنة الشرق وعنوان العفة والسلوك الحميد. خلتها من صورتها تحدثني وتقول: أنا ابنة الجيل الصحفي الجديد الذي سيحقق في بلاط صاحبة الجلالة ما لم يحققه الأولون.. أنا ابنة الميدان والشارع أنقل للقراء ما يدور في ساحات المجتمع من أحداث.. لن أركن إلي مكتب أو إلي حجرة انغلق فيها علي نفسي وأكتب من برج عاجي.. بل سأكون صاحبة رسالة أنقلها بأمانة وأعبر فيها عن آلام وأوجاع البسطاء من أبناء بلدي لعل المسئولين يشعرون بهمومهم فينصفونهم. رسالتي في مهنة الصحافة ستكون رسالة قويمة مستقيمة لا انحناء فيها ولا اعوجاج.. رسالة خالية من كل الشوائب لا رياء ولا نفاق.. رسالة تنطق بكلمة الحق والصدق.. لن نتملق لحاكم ولن نداهن رئيساً.. كفانا ما عاشته أجيالكم من ذل العبودية والانكسار تحت سطوة الديكتاتورية. تواصل حديثها لي الذي قرأته في عينيها: أنا - يا سيدي - بنت ثورتي 25 يناير و30 يونيو.. أحلامنا واسعة وآمالنا بلا حدود.. نحن جيل قوي الشكيمة صلب العود.. سوف نصمم علي تحقيق أهداف الثورتين.. حرية.. عدالة اجتماعية.. لا ذل ولا قهر بعد اليوم.. ولا انبطاح أمام أي جبروت.. سنحارب الفقر حتي نقتله ونقضي عليه.. وسنعمل علي عدم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.. لا سخرة ولا تسلط.. ولا عبودية ولا رق.. سنعيش سواسية تحت مظلة القانون.. آن الأوان - يا سيدي - أن نري مصر جديدة في كل شيء.. نراها ترفل في ثوب الديمقراطية.. ونفرح بها في عرس الرخاء والعيش الكريم. أفقت من تأملي لصورتها وسألتها: من أنت يا ابنتي الجميلة؟! أجابت: أنا الصحفية الشابة ميادة أشرف ابنة ال 23 عاماً.. كنت أحمل كل هذه الآمال والأحلام الوردية في صدري.. لكني تلقيت رسالة عاجلة من إنسان غادر أثناء قيامي بواجبي المهني في تغطية اشتباكات جماعة الإخوان بعين شمس.. كانت الرسالة رصاصتين بالرأس والوجه لم تقتلاني فقط بل قتلتا كل أحلامي وطموحاتي.. وها أنذا - يا سيدي - أسلم الراية لزملائي من جيلي ليواصلوا المسيرة واستودعكم الله. أقسم بالله.. أن الدموع انهمرت من عيني وأنا أكتب هذه الكلمات حزناً وألماً علي تلك الشابة اليافعة. رحمك الله يا ميادة رحمة واسعة أنت وأمثالك ممن قضوا نحبهم في حب مصر علي يد الغدر والخيانة. ولا سامحك الله أبداً أيها القاتل الجبان.