لا جديد في القمة العربية بالكويت.. كل العناوين قديمة ومكررة.. وليس هناك أمل في أن تقدم القمة حلا لمشكلة من المشكلات الخطيرة التي تهدد الدول والشعوب العربية.. والحقيقة أن القمة آثرت الهروب من الأزمات الصعبة ولجأت إلي التأجيل والإحالة كما فعلت قمم كثيرة سابقة. المشكلة بالطبع ليست مشكلة الكويت.. الدولة المضيفة.. وإنما مشكلة النظام العربي بأكمله.. وهو نظام مأزوم مترهل.. شاخ وأصابه الشلل.. ولم يعد قادرا علي الحركة.. أو مجرد اتخاذ قرار ويمر هذا النظام الآن بمرحلة صعبة.. مرحلة صراع داخلي.. ستكون نتيجتها إما أن يتفكك ويندثر.. وإما أن يعاد تشكيله من جديد علي أسس صحيحة حتي يكون قادرا علي مواءمة العصر. ربما كانت هذه القمة بعيدة تماما عن أنظار الجماهير العربية.. لم يتطلع إليها أحد لإنجاز شيء مهم.. نظرا لحالة التشرذم والاضطراب التي تعيشها أمتنا.. ومعروف أن العرب لا يحسنون حل مشاكلهم في مؤتمرات وعبر مفاوضات ومناقشات موضوعية.. وبالتالي لم يكن أكثر المحللين تفاؤلا ينتظر أن تجمع القمة الأخوة الأعداء علي طاولة واحدة والخروج باتفاق وتوافق. التحديات التي تحاصر الأمة العربية كبيرة.. وتستهدف وجودها ولو صدقت النيات لما كان هناك أمام القادة العرب ترف من الوقت والجهد لإضاعته في الصراعات والخلافات والمنافسات وإنما كان ينبغي أن ينصب جل الجهد علي لم شمل الأمة الذي تبعثر.. وتوحيد كلمتها.. وحشد إمكانياتها لنصرة قضاياها وتحسين أحوال أبنائها. كانت القمة مطالبة بأن تضع سياسات جادة وعلمية لمواجهة الإرهاب والصراعات الطائفية ومخططات التقسيم التي تجتاح الدول العربية جميعا.. وأن تضع حدا لمفاوضات السلام الفاشلة مع إسرائيل وتطرح البدائل الكفيلة باسترداد الأرض المحتلة.. وترسي قواعد متينة للتعامل مع دول الجوار العربي- تركيا وإيران تحديدا- علي أسس صحيحة.. بما يجعل هذه الدول إضافة استراتيجية للقوة العربية وليست خصما منها وأداة لإنهاك قدراتنا.. وأن تحدد قواعد موضوعية للمصالحة العربية والتعاون الفعال بين الدول الشقيقة ومساندة الشعوب الثائرة من أجل استرداد حقوقها من الحكام المستبدين. كانت القمة مطالبة بكل ذلك أو بعضه.. لكنها مرت ككل القمم.. لم تترك غير كلام وعبارات إنشائية لا تقدم ولا تؤخر.. والذين صاغوها هم أول من يعرف أنها لا تعني شيئا.. وبالتالي لن يأخذها أحد مأخذ الجد. نعم.. هي قمة ككل القمم.. تتحدث عن التضامن العربي في مواجهة التحديات.. وتتحدث عن إدانة المستوطنات ومطالبة الولاياتالمتحدة والدول الكبري بتحمل مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ومطالبة مجلس الأمن بفرض وقف إطلاق النار في سوريا.. لكن لا شيء علي العرب أنفسهم أكثر من أن يدفعوا أو يدفع بعضهم قدرا من المال لإغاثة الشعب الفلسطيني والشعب السوري. كأنها قمة لالتقاط الصور التذكارية وإثبات الحضور في كشف الدوام السنوي.. كأن القادة قد دعوا إلي لقاء يطرح فيه كل منهم همومه وما ينغص عليه راحة البال.. ثم ينفض المولد دون حتي أن يتبادل الحضور إلقاء السلام. متي يتغير الحال؟! المتشائمون يردون علي هذا السؤال بسؤال آخر يقول: متي يعلنون وفاة العرب؟!