الزيارات والجولات المفاجئة التي بدأتها حكومة المهندس ابراهيم محلب منذ توليها المسئولية وآخرها زيارة رئيس الوزراء إلي الجيزة ثم وزير الداخلية هل هي مجرد شو إعلامي من أجل ارضاء المواطن والدعاية فقط أم أنها واقع حقيقي رغبة في ايجاد حلول حقيقية للمشاكل التي يعاني منها المواطن. المسئولون والخبراء أكدوا ان البداية جيدة بشرط الاستمرارية والا تكون مجرد موقف طاريء وان تسفر عن قرارات فورية تخفف من معاناة المواطنين متوقعين ذلك خاصة ان طبيعة رئيس الوزراء ستجعل الجميع يلتزم بهذا النهج. قالوا ان هذه الزيارات تعطي صورة حقيقية عن الواقع وتمثل ضرورة خاصة في الوزارات الخدمية التي ترتبط بالمواطن في عملها اليومي فقد آن الأوان لإنهاء الإهمال والتهميش الذي عاني منه المواطن لفترات طويلة. اضافوا ان التوازن بين العمل المكتبي والجولات المفاجئة مطلوب بحيث لا يطغي جانب علي الآخر حيث ان الوزير مطالب في نفس الوقت بإجراء مقابلات مع المسئولين ووضع خطط واستراتيجيات تتعلق بالعمل ومستوي الأداء. * د.أسامة علما أستاذ الادارة بأكاديمية السادات قال ان النزول للشارع والقيام بزيارات ميدانية يجعل المسئول قريبا من الواقع ولا يعتمد في قراراته علي مجرد السمع أو البيانات والتقارير ولكنه يشاهد بنفسه الواقع الذي يعيشه المواطن ومن ثم تصبح قراراته أقرب للصواب والعكس صحيح تماما فالمسئول عندما يجلس في مكتبه تكون قراراته في معظم الأحيان غير مقبولة من الناس لأنها لم تصدر عن معرفة حقيقية بمشاكله. استبعد ان تكون الزيارات الميدانية التي يقوم بها رئيس الوزراء والوزراء من أجل الشو الإعلامي وارضاء المواطن لأن تلك طبيعة شخصية المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء المعروف عنه هذا السلوك في كل منصب تولاه ويعتمد علي هذا النمط في العمل منذ فترة طويلة وبالتالي من الطبيعي أن يختار فريق معاونين يتميزون بنفس النمط أو علي الأقل لديهم القدرة علي مواكبته في هذا الأسلوب. أكد ان هذه الزيارات المفاجئة من الناحية العلمية البحتة قد تكون أكثر تأثيرا ولكنها في نفس الوقت ليست الأكثر ايجابية في كل الأحوال بمعني ان المفاجأة في الزيارة قد تعطي صورة حقيقية عن الواقع ولكننا في نفس الوقت لا يجب أن نهمل الزيارات التي يتم الاعداد لها مسبقا تعطي فهما أكثر للواقع الا إذا تعمد بعض صغار الموظفين طمس الحقائق أو اظهار الواقع علي غير حقيقته. أشار إلي أن التخوف من تعرض كبار المسئولين لمخاطر أمنية أثناء الزيارات المفاجئة ليس له ما يبرره فهذه المخاطر بمثابة مخاطر الوظيفة مثل رجل الشرطة الذي توجد مخاطر كثيرة تنتظره أثناء تأدية عمله أو الطبيب الذي يتعرض لمخاطر العدوي مثلا وهذا المسئول قد يتعرض لسلوك أحمق من جانب البعض ولكنه في النهاية يمارس عمله كما ان لديه طاقم حراسة يستطيع أن يقلل كثيراً من هذا الخطر. طالب المواطنين بأن يتعاونوا بشكل جيد مع هذه الزيارات ويصارحون المسئولين بكل الحقائق والنقص الذي يعانون منه في الخدمات والمرافق لأن المسئول لن يستطيع التعرف علي كل شيء بدون مساعدة هؤلاء الذين سيكونون المستفيد الأول من عرض الحقائق كاملة حتي يمكن التعامل معها وحل المشاكل التي يعانون منها. حلول واقعية * لواء مهندس سامي عمارة محافظ المنوفية الأسبق يري ان أي مسئول لكي يستطيع وضع حلول قابلة للتطبيق للمشاكل لابد ان يدرس الواقع جيدا من خلال النزول إلي الشارع والقيام بجولات بين المواطنين وعدم الاعتماد علي التقارير التي قد تكون في بعض الأحيان غير مجدية وغير معبرة عن الواقع. اضاف لكن في نفس الوقت لا يجب أن يستهلك الجزء الأكبر من وقته في هذه الجولات ولكن علي فترات حتي تأتي بعدها مرحلة هامة يقوم فيها بوضع حلول المشاكل موضع التطبيق بعد الدراسة المتأنية للقرارات التي سيتخذها ثم متابعة تنفيذ ما اصدره من قرارات وهل أدت بالفعل إلي حل المشكلة أم لا وما هي العقبات التي منعت الوصول إلي حلول وهل هذا راجع إلي طبيعة المشكلة نفسها أم إلي سوء أداء الجهات الحكومية. أشار إلي أن هذه الزيارات يجب أن تستثمر في التعرف علي رأي المواطن الحقيقي فيما يعانيه من مشاكل وهل يمكن أن يتخذ المسئول حلولا فورية طبقا للإمكانيات المتاحة أم أنها تحتاج إلي بعض الوقت من أجل الدراسة أم أنها تتطلب توفير امكانيات أكبر يتم اللجوء للمستوي الأعلي في السلم الوظيفي حتي يمكن توفيرها. أوضح اننا لا يمكن أن نتعرف علي مقصد من يقومون بهذه الزيارات وهل هي بهدف الحل الحقيقي للمشاكل التي يعانيها المواطن أم أنها من أجل الشو الإعلامي فهذه نيات داخلية للشخص لا يمكن الحكم عليها ولكن الفيصل هنا هل هذه الزيارات تتكرر علي فترات وهل تستغل فعلا في التعرف علي مشاكل المواطنين وايجاد حلول لها والاستعانة بكل الجهات للمساهمة في ذلك فإذا تم ذلك فإنها بالتأكيد زيارات جيدة وتضع ايدينا علي أول الطريق لحل الكثير من المشاكل أما دون ذلك فإنها تصبح بمثابة شو إعلامي وفي كل الأحوال علينا ان ننتظر بعض الوقت لاصدار الحكم النهائي علي هذه الزيارات الميدانية بأسلوب واقعي. صدق المعلومات * لواء محمد أبوشادي وزير التموين السابق أكد ان أي مسئول لابد أن يتبع في عمله شقين.. مكتبي وميداني.. والأول يقرأ فيه التقارير والتوصيات والدراسات التي تصل إليه لمشروع أو قضية معينة في قطاع ما ولا يجب أن يكتفي باعطائها للمستشارين بل يجب أن يتأكد بنفسه من المعلومات والبيانات والأرقام التي تأتي إليه ويأتي بعد ذلك الشق الميداني الذي من خلاله يتأكد من التقارير وما تحتويه من معلومات صادقة أو العكس. اضاف ان العمل الميداني له جانبان الأول الزيارات وفق خطة عمل معلنة ويكون لها ترتيبات مسبقة وهذه الزيارات بمفردها غير كافية وان كان لها ايجابيات لكن الزيارات المفاجئة يستطيع من خلالها المسئول ان يلمس كل الواقع علي حقيقته بدون أي رتوش أو تجميل. طالب الوزراء والمسئولين باستثمار اجازاتهم الأسبوعية في الزيارات المفاجئة والتعايش وسط المواطنين بدون حراسة أو ترتيب والتحاور معهم وهذا ما كنت اتبعه طوال تولي مسئولية الوزارة فالقيادة لا يجب أن تعيش منعزلة في المكتب بعيدا عن نبض الناس. أوضح ان متابعة ما يكتب في الاعلام له أهمية كبري لأن المنابر الإعلامية التي تنتهج المصداقية تعرض الحقائق والمشاكل وهذا يمكن المسئول من معرفة الحقيقة كاملة ومن ثم يصبح الحل أكثر ايجابية. قال انه لا تخوف من الناحية الأمنية فأي مسئول يعرف انه معرض للخطر سواء في مكتبه أو منزله أو الشارع وهو قبل هذا المنصب وعليه الا يقلقه ذلك. كشف الحقيقة * د.حسين خالد وزير التعليم العالي الأسبق قال لقد قضيت في الوزارة 155 يوما قمت خلالها بزيارات مفاجئة ل 9 جامعات حكومية و3 جامعات خاصة بجانب ادارات التعليم العالي في المناطق المختلفة والبعثات الجامعية والجودة ورغم قصر مدة تولي المنصب الا ان هذه الزيارات مكنتني من التعرف بصورة حقيقية علي طبيعة عمل هذه الأماكن والمشاكل التي تتعرض لها فعلي سبيل المثال فوجئت اثناء زيارة لاحدي الجامعات بالمحافظات باحدي الكليات الحاصلة علي شهادة الجودة بأنه لا يوجد بها دورة مياه وكلية أخري مبانيها آيلة للسقوط واعتقد ان وجودي في مكتبي لم يكن ليمكني من التعرف علي ذلك. اضاف: ليس مفترضا ان يقضي الوزير أو المسئول وقته بالكامل في زيارات مفاجئة لأن من مهام منصبه وضع الاستراتيجيات والخطط التي بها يطور سياسات العمل ومن المهم ايضا ان يكون لديه وقت لإجراء مقابلات مع المسئولين سواء في وزارته أو وزارات أخري سواء من أجل التنسيق أو التعاون في اطار العمل المشترك وبما يحقق مصلحة المواطن. اضاف ان يوم الاجازة يكون خاليا من أي برنامج أو جدول عمل ولذلك يجب أن يستغل كيوم مفتوح وأنا كنت التقي فيه بالطلاب واعضاء هيئة التدريس والمواطنين بحيث يقوم الطالب بعرض المشكلة التي تقابله ويتحاور فيها مع المسئول من أجل ايجاد حلول للكثير من المشاكل. أكد ان الوزارات الخدمية لكي تؤدي عملها بشكل أفضل يجب أن تعتمد بصورة علي الزيارات الميدانية لأنها بذلك تستطيع حل الكثير من المشاكل من خلال الالتحام بالمواطنين. أشار إلي أن هذه الزيارات يجب أن تتسم بالسرية وان تكون بعيدة عن الشو الإعلامي لأن الهدف هو المصلحة العامة وليس الدعاية. قرار واقعي * عمر الشوادفي - محافظة الدقهلية - قال ان اعتماد المسئول علي التقارير المكتبية فقط رغم أهميته لا يكفي بل يجب النزول إلي الشارع لرؤية ما يحدث لأن كل ابعاد المشكلة تكون واضحة ومن السهولة ان تتقابل مع المواطن الذي يعاني من مشاكل ومن ثم يصبح القرار أكثر واقعية. أكد ان الوزارة الحالية بدأت بداية جيدة بالنزول إلي الشارع واستمرارها علي هذا المنوال سوف يؤدي بالتأكيد إلي نتائج أفضل ولكن بشرط أن تستمر هذه السياسة وان تكون منهج عمل والا يكون موقفا مؤقتا لأن المواطن عندما يشعر ان المسئول قريب منه يمنحه ذلك الأمل في الإصلاح خاصة ان المواطنين عانوا كثيرا وعلي مدار السنوات الطويلة الماضية من الاهمال والتهميش.