أكد سياسيون أن الزيارات المفاجئة للدكتور هشام قنديل -رئيس الوزراء- وعدد من وزراء حكومته لبعض الجهات التابعة لهم، يعد بمثابة آلية من آليات المراقبة الميدانية للمؤسسات الحكومية التى تمس المواطنين بشكل يومى. وشدد السياسيون على أن مثل هذه الزيارات الفجائية؛ تُشعر الموظف الذى يتعامل ويقدم الخدمة للمواطن بأن عليه رقابة حقيقية، وأنه سيعاقب إذا قصَّر فى عمله ولم يؤده على الوجه الأكمل. وأجرى رئيس الوزراء مؤخرا زيارة مفاجئة إلى قسم شرطة إمبابة بعد صلاة فجر آخر يوم فى رمضان، واستدعاء مدير أمن الجيزة بعد اكتشافه عددا من القصور بداخل القسم، بالإضافة إلى قيام بعض الوزراء بعدة زيارات لعدد من الجهات التابعة للوزراة كوزيرى الداخلية والصحة فى اليوم نفسه. وأكد د. أيمن نور -رئيس حزب غد الثورة- أن الزيارات المفاجئة التى يقوم المسئولون، سواء رئيس الوزراء أو وزراءه، هى إحدى الآليات لضبط حالة الفوضى التى سادت الدولة فى العام ونصف الماضية فى فترة ما بعد الثورة. وأضاف نور: إن هذه الزيارات هى جزء من مجموعة من الآليات التى يتحقق من خلالها الرقابة الفعلية على الأداء والجودة. وقال: يجب أن ننظر لهذه الزيارات بعين الاحترام والتقدير فى إطار أنها جزء من سياسة عامة تستوعب كل المجالات فى أعمال الحكومة وجميع وزاراتها. وأشار إلى أن هذه الزيارات فى ظل النظام السابق لم تكن مفاجئة، حيث يكون لدى القيادات علم بهذه الزيارة المحتملة أو المتوقعة قبل القيام بها، الأمر الذى يفقدها جزءا كبيرا من جدواها. ودعا نور إلى ضرورة وضع نظام معين، حيث لا تقتصر الرقابة من الوزير فقط أو رئيس الوزراء، ولكن يتم إيجاد آلية أخرى، تتم من خلالها متابعة عمل الوزارات، وذلك لأنه فى ظل النظام السابق كان للوزارة مرفق أو اثنان على الأكثر، أما الآن أصبح هناك عدد أكبر من الجهات التى تتبعها. وفى هذا السياق، قال د. عصام العريان -نائب رئيس حزب الحرية والعدالة-: إن الأهم فى هذه الزيارات أن يعود مردودها على المواطنين، وأن يشعروا بأن هناك إنجازا وتغييرا حقيقيا على أرض الواقع. وأوضح العريان أن هذه الزيارات تُشعر المسئولين بأن هناك رقابة عليهم، وأنهم أمام تحدٍّ كبير فى أداء مهامهم المكلفين بها، وأنهم إذا لم يؤدوها سيغادرون أماكنهم، مؤكدا أن هذه الزيارات ستؤتى ثمارها المرجوة بشرط أن تكون فجائية وليس كما كان يحدث فى النظام السابق، حيث تكون الزيارات معلومة للمسئولين قبل وصول الوزير لها. وأضاف: إن بعض الوزراء الجدد يحتاجون إلى بعض الوقت لكى يستطيعوا إحداث تغيير حقيقى فى المؤسسات التابعة لهم. وأعرب د. عبد الله الأشعل -المرشح السابق لرئاسة الجمهورية- عن أمله فى أن يتمكن المسئولون من خلال هذه الزيارات من ضبط الأمور فى الجهات والوزارات من أجل أن يشعر المواطن بأن هناك من يهتم بأن تصل الخدمات إليه فى صورتها الطبيعية وبشكل انسيابى، كما تشعر الموظف الذى يتعامل ويقدم الخدمة للمواطن بأن عليه رقابة حقيقية، وأنه سيعاقب إذا قصَّر فى عمله ولم يؤده على الوجه الأكمل، كما تم خلال الزيارات الأخيرة. ومن جانبهم، أكد الخبراء أن جولات رئيس الوزراء الأخيرة بالأسواق والأقسام والمترو والمستشفيات تعكس نمطا جديدا من الإدارة؛ تقوم على فكرة التخطيط بالمشاركة الجماهيرية والمجتمعية فى صنع السياسات الحكومية. ورأى د. علاء عبد الحفيظ -رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط- أن قنديل يؤسس لمنظومة فكرية وإدارية جديدة، حيث قدم بجولاته الميدانية بالشارع وتواصله الحى والمباشر بالمواطنين للاستماع لرؤاهم وشكاواهم نمطا جديدا لم نتعود عليه من قبل فى مصر، حيث كان المسئول بالماضى منقطع الصلة تماما بالشعب، ولم يكن يدرك حقيقة احتياجاته وواقعه المعيشى، وكان ذلك يؤدى بالنظام السابق إلى اتباع سياسات خاطئة. وأبدى عبد الحفيظ تفاؤله إذا استمرت الحكومة فى عملها بهذا النهج، متوقعا نجاحها فى القضاء على سلبيات الحكومات السابقة، وتحقيق الرقابة الشعبية. وأضاف أن دول أوروبا الشرقية تخلصت من آثار الأنظمة الشمولية المستبدة فيها بفترة تراوحت بين خمس وعشر سنوات حتى تقضى على الفساد وغيره. ومن جانبه، أكد محمد عز العرب منيب -الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية- أن جولات قنديل تؤكد محاولة الحكومة ترجمة وتنفيذ خطة الرئيس للمائة يوم وتحدياتها على الأرض ميدانيا، وتبرز دور الحكومة فى تلبية الخدمات الأساسية، وبحثها عن حلول عاجلة للأزمات بشكل ناجز وفعال ولمسنا ذلك بأزمة الكهرباء. من جهته، أشار محمد عبد القادر -خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- إلى الأهمية الكبيرة للجولات التى يقوم بها قنديل لمناطق حيوية منذ توليه منصب رئيس الوزراء، موضحا أنه يقدم من خلالها رسالة مباشرة للعاملين معه بالحكومة أنه سيتابع سير الخدمات للجمهور بنفسه وبصورة يومية ومباشرة دون الاعتماد على التقارير المكتبية، خاصة بعد ما شاهدناه فى المترو وبمحلات وسط البلد وبالمستشفيات والأقسام وغيرها من المناطق الحيوية. ورأى أحمد خلف -باحث بمركز الحضارة للدراسات السياسية- أن المواطن بدأ يلمس الاهتمام المباشر بقضاياه وهمومه، لأن مثل تلك الزيارات تنقل الصورة الحية والمباشرة لهموم المجتمع للمسئولين بعيدا عن التقارير المكتبية الخالية من الدقة فى أحيان كثيرة. وأضاف خلف: إن تلك السياسات هى نتاج طبيعى لانتخابات شعبية حرة ونزيهة خاضها الشعب المصرى لأول مرة فى حياته.