واضح ان بعض المسئولين ان لم يكن الكثيرون منهم لا يأخذون بعض ما ينشر في الصحف بالجدية اللازمة.. وإنما ينظرون إليه علي انه مجرد كلام لتسويد الصفحات ولشغل القراء.. بينما الحقيقة هناك الكثيرون ممن يكتبون من أجل الصالح العام بكل إخلاص وتجرد. في هذا المكان كتبت أكثر من مرة ان يقظة رجال الشرطة والجيش مطلوبة لصون حياتهم هم علي الأقل والحفاظ عليها بعد أن أعلن الارهابيون انهم يستهدفونهم بالذات بحجة الانتقام لضحايا ميداني رابعة والنهضة وغيرهما. أقول: كتبت أكثر من مرة وحذرت من الغفلة لأن الارهابيين يباغتونهم علي غير توقع ويوقعون بهم الضحايا بالعشرات.. ومع ذلك لم يتنبه المسئولون في الجهتين ولم يأخذوا بالنصيحة وكأننا "ننفخ في قربة مقطوعة" كما يقول المثل الشعبي وهم لا يدرون انه عندما يسقط عدد منهم شهداء علي يد الارهابيين فإن ذلك يسقط في ايدينا نحن الشعب ويفت في عضضنا ويتملكنا الإحباط واليأس.. ثم نتساءل: إذا كان حراسنا لا يستطيعون حماية أنفسهم فكيف إذن سيحموننا من هذا الارهاب؟! قلنا ان رجال الشرطة لا يجب أن يضعوا أنفسهم في مرمي النيران للارهابيين الذين يتربصون بهم ولديهم أكثر من طريقة لتنفيذها وهم يعرفونها أكثر مني.. وقلنا ان الكمائن الشرطية والعسكرية يجب تحصينها بقوة حتي لا يخترقها هؤلاء القتلة.. وقلنا انه اذا نام البعض يجب أن يكون البعض الآخر مستيقظا ويقظا ليدافع عن نفسه وعن زملائه.. وقلنا انه يجب مراقبة هذه الكمائن عن بعد بطريقة أو أخري حتي يتم القضاء علي المعتدين قبل أن ينفذوا جرائمهم. هذه كلها بديهيات لا تحتاج إلي عبقرية للأخذ بها وتنفيذها.. ومع ذلك لم يقرأوا.. وإذا قرأوا فإنهم يأخذون كلامنا علي انه مجرد "كلام جرايد".. فهم لا يستوعبون.. ولذلك يتكرر الخطأ وتتكرر الغفلة وفي كل مرة نفقد فيها عددا من شهداء الشرطة أو الجيش نعلن اننا حددنا هوية الذين ارتكبوا الحادث وسيقعون في قبضة الشرطة خلال ساعات!! كلام ممل.. وكلام معاد ومكرر.. لا يقنع أحدا ولا يسمن ولا يغني من جوع ولا يمنع ارهابا ولا يردع ارهابيين.. وتخرج الجنائز هنا وهناك ويتظاهر الناس ويطالبون بالقصاص والثأر.. ويتكرر المشهد المزيف من محافظة إلي أخري ومن وقت لآخر.. وأصبحنا ننام ونصحو علي عمليات ارهابية من هذا النوع. علي من تقع المسئولية؟! وعلي من يقع اللوم في حادث "مسطرد" الذي وقع صباح السبت الماضي والذي راح ضحيته ستة شهداء من العسكريين؟! يقولون ان الارهابيين هاجموهم في الصباح الباكر بعد أن أدوا صلاة الفجر وناموا في معسكرهم!! وكأننا بذلك نبرر أخذهم علي غزة لأنهم أدوا حق الله وصلوا الفجر ومن حقهم أن يناموا بعد ذلك ويهجعوا ولا يقترب منهم أحد!! هل هذا منطق؟! وهل هذا أمر مقنع؟! هل تضحكون علينا أم علي أنفسكم؟! ان من يتحمل وزر هؤلاء الضحايا هم أنفسهم أولا لأنهم لم يأخذوا حذرهم.. لم ينظموا أنفسهم بحيث ينام البعض ويبقي البعض في الحراسة متيقظين ليردوا أي هجوم عليهم.. ثم لماذا لم يحصنوا معسكرهم بالموانع والعوائق بحيث يصعب علي الارهابيين اختراقه؟! ولن أتراجع عن تحميل القيادة المباشرة لهؤلاء الجنود مسئولية إراقة دمائهم.. لأن هذه القيادة لم تقم بواجبها في الاشراف والتخطيط والتنبيه وأخذ الحيطة والحذر وتركت الأمور تسير علي عواهنها دون ادراك للمسئولية التي تقع علي عاتقها. ليغضب البعض مني كما يشاء أن يغضب.. لأن الصراحة أحيانا تكون سببا في الغضب.. ولكن حسبي انني أقول الكلمة لا أبتغي بها إلا وجه الله ومصلحة الوطن.. وهذه الدماء التي أريقت هي دماء ابني وابنك وأخي وأخيك وجاري وجارك.. وهي دماء غالية وعزيزة لا شك.. ولكننا نحتسبها عند الله ونحتسبها فداء للوطن.. وان لم يأخذ هؤلاء الارهابيون عقابهم في الدنيا فالذي لا شك فيه انهم سيكونون في الدرك الأسفل من جهنم يوم الحساب. مرة أخري الله سبحانه أمرنا أن نأخذ حذرنا.. ونهانا عن أن نكون من الغافلين.. وقد سبق أن حذرنا كثيرا.. ولكننا كنا كمن يحرث في البحر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.