تلقيت اتصالاً تليفونياً من العميد أيمن حلمي مدير إدارة الإعلام بوزارة الداخلية حول المقال الذي نشرته في هذا المكان بالأمس بعنوان "الغفلة" وقد صحح لي بعض المعلومات التي جاءت في المقال بالنسبة للجريمة البشعة التي قعت في سيناء والتي ارتكبها الإرهابيون وقتلوا خلالها 25 جندياً من الشرطة عند عودتهم إلي عملهم بعد إجازة قضوها في بلادهم. قال العميد أيمن حلمي إن هولاء الجنود لم يستقلوا سيارة شرطة. بل كانوا يستقلون اثنتين من الميكروباصات الخاصة التي تنقل الركاب ب "النفر" وتصادف ان استقل هولاء الجنود الحافلتين. وعندما وصلوا إلي النقطة التي وقعت فيها الجريمة خرج عليهم الإرهابيون وفعلوا ما فعلوا بهم ووقعت تلك الجريمة البشعة التي صدمت مشاعر الناس بقسوة بالغة. وقال مدير الإعلام بالداخلية إن الوزارة حريصة علي تأمين جنودها إذا كانوا في مهمة وتنقلهم بحافلاتها الخاصة ولا يمكن ان تترك هذه الحافلات دون تأمين وحراسة مشددة.. أما هؤلاء الجنود فاستقلوا ميكروباصات خاصة شأنهم شأن أي ركاب عاديين. ومن هنا نتساءل: لقد وضح من الصور التي نشرت للقتلي الشهداء أنهم لم يكونوا يرتدون الزي الخاص بالداخلية. بل كانوا يرتدون ملابس عادية.. فكيف عرف الإرهابيون ان هؤلاء من جنود الشرطة.. ولماذا لم ينج من المذبحة إلا سائقا الميكروباصين؟! فهل هناك سر وراء هذين السائقين؟! العميد أيمن حلمي قال لي إنه تم القبض علي السائقين وإخضاعهما للتحقيق فربما يكون لهما ضلوع في الجريمة وربما يكونون عملاء للإرهابيين.. ومن خلال هذا التحقيق يمكن التوصل إلي الجناة ومعرفة هويتهم. ما قصدته من مقال الأمس أن أقول إن الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الجنود ال 25 وكذلك جريمة كرداسة هزت مشاعرنا بقسوة.. هؤلاء راحوا ضحية نفوس مريضة وعقول متحجرة وقلوب غلف. وكانوا في طريقهم ليؤدوا واجبهم الوطني لم يرتكبوا إثماً ولا جرماً ليكون هذا مصيرهم. بصراحة.. أتخيل منظر هؤلاء الجنود البسطاء الذين قدموا من ريفنا الطيب يحملون طيبة أهله.. وأتخيل القتلة المجرمين وهم يقيدون أيديهم بالأغلال. ثم يوقفونهم صفاً واحداً ويوجهون إليهم رشاشات الغدر ليحصدوهم بالنار بتلك الطريقة اللاإنسانية. ليتخيل كل واحد منا نفسه انه كان من بين هؤلاء الجنود.. كيف يكون شعورنا ونحن نعرف ان أرواحنا سوف تزهق بتلك الوحشية اللامتناهية.. والله ان قلبي ليرتجف في مكانه ومشاعري تنتفض من مجرد تخيل الموقف.. فما بالك بمن عاش الموقف نفسه؟! بعض الناس وهم قلة قليلة يكرهون الشرطة نتيجة لتصرف فردي صدر من أحدهم ضدهم.. ولكن ما هي الشرطة؟! انهم أبنائي وأبناؤك واخوتي وأخوتك.. وجيراني جيرانك.. واصدقائي وأصدقاءك.. فهم ليسوا فصيلاً منفصلاً عن مصريتهم وعن وطنهم.. انهم أبناء مصر الذين اختاروا بمحض إرادتهم ان يسهروا علي أمني وأمنك وعرضي وعرضك وروحي وروحك.. فلا أقل من ان نكون عوناً لهم علي أداء مهامهم وحفظ أمن بلدهم. وأعود.. وأقول.. وأؤكد.. انه يجب علي الشرطة ان تأخذ حذرها فهي تتعامل مع بعض من ليسوا بشراً.. ولا نريد ان نفجع مرة أخري في بعضهم.. ولا نريدهم ان يكونوا من الغافلين.. بل من المتيقظين الساهرين علي حياة المواطن وحياتهم أيضاً.. لأن حياتهم من حياتنا وأمنهم من أمننا. لقد أمرنا الله ان نأخذ حذرنا.. وأعيد كتابة الآية الكريمة التي استشهدت بها بالأمس: "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً". وكما أمرنا الله بالحذر نهانا عن الغفلة فقال سبحانه: "ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة". صدق الله العظيم