مازل التنقيب عن الآثار مستمراً.. جريا وراء الحلم السرمدي بالثراء السريع والعثور علي كنز الأجداد المدفون في باطن الأرض.. ويجد الحلم من يتاجر به ويستغل البسطاء.. والنتيجة عشرات القتلي سنويا يلقون حتفهم أثناء عمليات التنقيب غير المشروعة التي تجري في جنح الظلام باستخدام أدوات بدائية.. ويتبخر الحلم وتبقي الدماء ويبقي الخراب. يقدر عبدالله دياب "خبير سياحي" عدد ضحايا التنقيب عن الآثار بحوالي 100 قتيل سنويا خاصة في فترات الانفلات الأمني.. يقول ان الحالات النادرة التي حقق فيها المنقبون نجاحا بالوصول الي آثار قديمة والاثراء ببيعها يغري الآلاف بالسير علي دربهم ظناً أن كل من سار علي الدرب حقق الفوز لكن غالبا ما تنتهي العملية بكارثة تحصد أرواح شباب صغير السن. ويعتبر دياب ان كل من يمارس التنقيب خائن للوطن لأنه يسمح بتهريب آثار بلده وتاريخها الذي لا يقدر بمال للخارج مقابل حفنة دولارات. يقول محمود عوض "مفتش اثار" ان عملية التنقيب عن الآثار تتم داخل البيوت القديمة ولا يعلم بها احد.. وان بمجرد ابلاغ رجال المباحث أو الآثار تجري مداهمة المنزل والقبض علي اصحابه حتي لو كان في بداية العمل. يضيف ان التنقيب وان كان ظاهرة منتشرة في الكثير من مناطق الصعيد الا انه يكثر في أسوان حيث المناطق الأثرية الأوسع.. وخاصة أسفل البيوت المقامة غرب النيل.. بينما يوجد الكثير من المواطنين الشرقاء يبلغون فورا عند اكتشافهم آثارا مصادفة آثناء تنفيذهم لأعمال الاحلال والتجديد لمنازلهم.. وانه في تلك الحالات تتولي الحكومة تعويض مالك الأرض أو تقوم برفع الآثار واعادة الأرض له. ويقول الحاج نبيل ابراهيم "موظف" فقدت أعز أبنائي بسبب الجري وراء السراب والوهم .. كان لدينا منزل مهجور بأسوان وقام أحد الداجلين بالنصب علي ابني وقال له إنه يوجد آثار تحت جدرانه .. ودفعه للحفر دون علم احد من الاسرة وعندما وصل الي عمق خمسة امتار انهارت جدران الحفرة عليه فلقي مصرعه في الحال.. ويطالب بالتصدي للدجالين الذين يستغلون أحلام الشباب معتبرا انهم السبب الأول وراء تفشي الظاهرة. يري سامي عطية "مدرس" ان اهالي أسوان كان لهم دور كبير في حماية الآثار والابلاغ عن كثير من حالات التنقيب غير الشرعي انتهت بالقبض علي الجناة والزج بهم الي السجون أما العقيد امير كامل مفتش مباحث بندر أسوان فيقول أن الدجالين هم بالفعل بوابة الدخول الي التنقيب والبحث عن الكنوز المدفونة بعدما يستغلون فقر ضحاياهم وحاجتهم للمال ويوهمونهم بأنهم علي اتصال بالجن وانه يخبرهم بوجود ما يتمنونه من ذهب وكنوز.. ثم يطلبون من الضحية مبالغ مالية كبيرة بدعوي شراء بخور خاص لطرد الجن حارس المقبرة الفرعونية.. ويستمر الدجال في استنزاف أموال الضحية واغرائهم باقتراب الوصول الي الكنز لكن تنتهي عملية التنقيب بكارثة موت الضحية بالخنق او الصعق الكهربائي او بانهيار جدران الحفر.