في مشهد تاريخي استمر لمدة ثلاث دقائق دخل فيها حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق قفص الاتهام مرعوبا.. وخرج بعدها مخطوفا بعد صدور أول الأحكام الرادعة ضد أحد أكبر رموز النظام السابق الفاسد بالسجن المشدد 12 عاما بتهمتي التربح وغسيل الأموال وتغريمه مبلغ 23 مليون جنيه وعزله من وظيفته. أكد محامو المتهم أنه سيتم الطعن علي حكم المحكمة أمام النقض بعد إيداع الأسباب ودراستها بدقة. تودع محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمدي قنصوة وعضوية المستشارين محمد جاد عبدالباسط ومحمود سعيد الدسوقي ومحمود محمد بحضور المستشار عمرو فاروق المحامي العام بنيابة أمن الدولة العليا وأمانة حسن الصيفي وسمير رزق وناصر لاشين حيثيات حكمها خلال 30 يوما حسب القانون. تباينت آراء المواطنين علي الحكم فأغلبهم قابله ببهجة وفرحة غامرة مؤكدين أن الحكم أثلج صدورهم.. ورأي البعض أنه يستحق أكثر من ذلك لكونه كان المفروض أنه الأمين علي الأموال والأرواح لدرجة أنهم طالبوا بإعدامه رغم أن الاتهامات أقصي عقوبة لها المشدد 15 عاما بينما تحفظ القليل جدا علي الحكم مشيرين إلي انه له أسرة لا ذنب لها فيما اقترفه من جرائم. أطلقت إحدي السيدات وتدعي مروة محمد الفقي "زغرودة" مدوية في هيستيريا وسط الحشود الأمنية غير العادية شدت انتباه الجميع وأخذت تهذي بكلمات تعبر عن فرحتها الهيستيرية بالحكم. قضي "العادلي" أول ليلة في سجن مزرعة طره بالبدلة الزرقاء وسط نظرائه المحبوسين سواء أحمد نظيف رئيسه السابق ومحمد إبراهيم سليمان وأنس الفقي وزهير جرانة والمغربي وزكريا عزمي وآخرين من رموز النظام الفاسد شاذا بالبدلة الزرقاء بينما هم مازالوا يرتدون البدل البيضاء في انتظار دورهم إذا أدينوا في المحاكمات القادمة وسينقل العادلي إلي عنبر آخر بعيدا عن المحبوسين احتياطيا. وطبقا لقانون تنظيم السجون فلا يجوز له تناول أطعمة من الخارج إلا خلال الزيارتين المقررتين له كل شهر وسيحضر لأول مرة أمام هيئة المحكمة يوم 21 مايو في قضية قتل وإصابة المتظاهرين بالبدلة الزرقاء ومدون عليها "مسجون". التقت "المساء" بالعديد من المواطنين لمعرفة ردود أفعالهم علي الحكم.. قالت "مروة محمد الفقي - موظفة" والتي أطلقت زغرودة ابتهاجا بهذا الحكم التاريخي وقالت كنا متأكدين أن دم الشهداء لن يذهب هباء وأن قضاءنا العادل هو حصننا العالي وأن أموال الشعب ستعود حتماً بعد أن اختص الله ممن كان يوما ما حامي البلاد والعباد.. واتضح انه أكبر حراميها. وقال حسانين عبدالمعبود "موظف بالمترو" إن هذا المتهم كان يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمي وأن يكون عبرة وأن تكون عقوبته أشد والحكم عليه بالإعدام نظرا لأننا كنا نعتبره أمينا علي أرواحنا وأموالنا وأبنائنا.. فإذا به يخون الأمانة التي أوكلها الله إليه مخالفا بذلك أمر الله في كتابه الكريم "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها" فقد كنا أمانة في رقبته.. أموالنا.. ومصائرنا.. وأعراضنا إلا إنه خان الأمانة وترك مسئولياته وتفرغ لنهب أموال الشعب. ويري ثروت رحومة المحامي أن هذا الحكم يعتبر حكما مناسبا وعادلا لأن هيئة المحكمة تزن دلائل القضايا بميزان العدل وتري ما لم يره الآخرون دون افتعال ولها أدلتها وأركانها التي تسبب الحكم وتقوم بتطبيقها.. ومعروف أن دائرة المستشار "قنصوة" مشهود لها بالحيادية والقوة في تطبيق القانون نصا وروحا. أضاف أن هذا الحكم ليس حكم المحكمة إنما هو حكم الله علي من كانوا يدعون حماية الوطن من الفاسدين والمفسدين.. وهذا يوكد أن لدينا قضاء نزيها وعادلا ومشهودا له بذلك علي مستوي العالم وسوف يروع هذا الحكم كل من تسول له نفسه النيل من هذا الوطن ويعيد أمواله المسلوبة في جنح الليل. وقال عبدالله مسعود علي "محاسب" إن هذا المتهم كان لابد أن تكون عقوبته أشد نظرا لأننا كنا نعتبره أمينا علي أرواحنا وأموالنا وأبنائنا فإذا به يخون الأمانة التي أوكلها الله إليه. علي إبراهيم محمد "باحث" إن القضية كما علمنا من خلال وسائل الإعلام لا تتعدي بيع وشراء لشخصية خصصت له قطعة أرض طبقا للوائح وباعها بيعا صحيحا وبالتالي فيري أن الاتهام المنسوب ل "العادلي" مسألة عادي جدا وأنها ربما أخذت هذا المنحني لخطورة منصبه. بينما رأي عادل إبراهيم سليمان "نقاش" أنه لا يجب أن نقسوا علي العادلي وننسي ما قام به خلال توليه قيادة الداخلية وشعورنا بالأمن رغم خطاياه التي لا تغتفر وأن له أسرة لا ذنب لها في أخطائه وبالتالي لا يجب ذبحه..عادل سيد شعيب "محام" يري أنه العادلي ربما يكون مظلوما في هذه القضية ولكن ماذا سيقول يوم الحساب للآلاف الذين حبسهم في عهده وتعرضوا لكافة أنواع التعذيب وسلب أراضيهم وكرامتهم بالإكراه ولذلك فنحن نؤمن أن هذا هو حكم الله.. وهو يدفع ضريبة كان لابد أن يدفعها.