ليست القضية العاجلة هي تغيير رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية بقدر ما هي قضية انتشال هذه المؤسسات من الوضع الاقتصادي المتردي الذي يوشك أن يتسبب في انهيارها تماماً وتشريد عشرات الآلاف من العاملين فيها وتشريد أسرهم. لقد سبق أن كتبت في هذا الموضوع أكثر من مرة وناشدت المجلس الأعلي للصحافة برئاسة الزميل الفاضل جلال عارف وأعضائه الذين نجلهم ونحترمهم أن يعطوا الأولوية لكيفية إخراج هذه المؤسسات من الورطة المالية التي تعانيها بسبب ندرة الموارد من الإعلانات المترتبة علي ركود الحالة الاقتصادية في مصر بصفة عامة. رأيي أن أي رئيس مجلس إدارة جديد لأي مؤسسة من هذه المؤسسات سوف يصطدم بأكثر مما يتخيله من متاعب مالية تواجه المؤسسة التي سيتم اختياره لقيادتها في هذه الظروف الصعبة.. سوف يصطدم بعدم وجود موارد تكفي لصرف المرتبات. ناهيك عن العلاوات والحوافز والإضافي وأي بنود أخري أو ميزات يتمتع بها العاملون. مطلوب من المجلس الأعلي للصحافة بكامل تشكيله أن يبحث مع الحكومة مشكلة المؤسسات الصحفية القومية التي تتهاوي مالياً قبل أن يفكر في التعيينات الجديدة بحيث يكون رئيس مجلس الإدارة الجديد لديه خريطة عمل يسير عليها.. فأي رئيس يأتي لن يكون في يده عصا سحرية يحل بها مشاكل مؤسسته. المؤسسات القومية مدينة للبنوك وللضرائب وللتأمينات الاجتماعية ولموردي الخامات المستخدمة في الطباعة ولصناديق التأمينات الخاصة بمئات الملايين من الجنيهات.. ولابد من حل جذري لكل هذه المشاكل لأن الوضع صعب للغاية وبأكثر مما يتصور أعضاء المجلس الأعلي. ابحثوا كيفية دخول شركاء مساهمين في هذه المؤسسات كما سبق أن طرحت من البنوك العامة ومن شركات البترول التابعة أو المملوكة للدولة. ومن هيئة قناة السويس. ومن أي جهة يمكن أن تجعل هذه المؤسسات تقف علي أرض ثابتة. بحيث تنطلق لأداء وظيفتها الإعلامية والتنويرية إذا كانت الدولة حريصة علي أن تظل مؤسسات قومية تحدث التوازن الإعلامي بينها وبين الصحف الخاصة والحزبية. اما إذا كانت الدولة غير حريصة علي استمرار هذه المؤسسات فلتطرحها للخصخصة مع ما في هذه الخطوة من مخاطر شديدة علي العاملين فيها. لأن هذه المؤسسات بها عمالة زائدة علي أي حد معقول. نتيجة لسوء الإدارة في السنوات السابقة. والخصخصة تعني في هذه الحالة الاستغناء عن نصف العاملين في هذه المؤسسات علي الأقل. وذلك سوف يشكل مشكلة خطيرة للحكومة الحالية أو أي حكومة قادمة. أعتقد أن ما أقوله ليس خارجاً عن سياق الواقع لهذه المؤسسات. لأن إضراب العاملين بمطابع مؤسسة الأهرام العريقة لعدم صرف العلاوات والحوافز. دليل قاطع علي حالة الانهيار. فإذا كانت الأهرام التي تعتبر أعتي المؤسسات الصحفية التي تستحوذ وحدها علي نسبة 35 في المائة من إعلانات السوق. لا تستطيع صرف حقوق العاملين. وهي تعتبر من مؤسسات الشمال. فما بالك بمؤسسات الجنوب. التي انهارت بالفعل قواعدها الاقتصادية؟!! مرة ثانية وثالثة ورابعة.. أقول للمجلس الأعلي للصحافة: افعل شيئاً لإنقاذ هذه المؤسسات. فالقضية ليست في تغيير القيادات بقدر ما هي إنقاذ الأوضاع.