بعد رحيله تيقنت أنها خير من يحفظ الذكري ويصون العهود.. لذلك لم يكن غريباً أن تبقي في حضن عائلة زوجها التي تبادلها حباً بحب منذ أن وطئت أعتاب بيتنا الكبير يوم زفافها لأخي الحبيب.. ويوم أن رزقت منه بالولد والبنت.. أما أنا فكنت ومازلت الأكثر حظاً معها حيث استطاع تقاربنا في السن اشاعة روح التفاهم والألفة بيننا ما جعلني أشعر بأنها الشقيقة وليست زوجة الأخ!! فمنذ رحيل شقيقي من أربع سنوات لم ألحظ علي "هناء" أي تغيير في تعاملاتها مع أبوي المسنين. فهي كما هي ترعي شئونهما بنفس محبة راضية.. نفس لا تتحلي بها سوي بنات الأصول والعائلات الكريمة. لقد أحسن أخي رحمه الله الاختيار فبحث عمن توافقه في الطباع فلم يجد غيرها "هناء" التي لا أتذكر يوماً أن افتعلت أزمة بيننا وبينه بل ظلت علي رعايتها لأمي وأبي اللذين تجاوزا الثمانين من العمر رغم المسئوليات العديدة الملقاة علي عاتقها منذ رحيل الغالي في تربية الابن والابنة والحفاظ علي النشاط التجاري الذي كان يزاوله أخي في حياته. أنظر إلي أرملة شقيقي وحفاوة استقبالها لي وإخوتي حين نأتي لزيارتها ولا أتمالك دموعي وأنا أراها تلف أمي وأبي بكل هذا الاهتمام والرعاية وكيف تحرص علي إعطائهما الدواء في موعده؟ .. إنه الوفاء الذي جعلها لا تتوقف عن المضي في أداء الأعمال الخيرية التي كان يقوم بها أخي في حياته.. والوفاء الذي لم تعقه مشاغل الدنيا عن مداومتها في زيارة قبره والدعاء له! ليكون خير ما فعله شقيقي الراحل لي ولأشقائه.. أنه أحسن اختيار الزوجة التي تعرف كيف تبني ولا تهدم؟ تقرب ولا تشتت؟.. لذا تعساً لمن لا تجد من بين زوجات اشقائها امرأة مثل "هناء" التي حفظت زوجها في حياته وأجزلت العطاء لأهله بعد مماته لتقدم النموذج الذي صرنا نفتقده كثيراً في زيجات هذه الأيام التي لا تعرف سوي لغة التراشق.. وتقسيمة "أهلي وأهلك".. !!!.. والسلام. سهام جعفر الشرقية û المحررة طرقت علي حديد ساخن وهو علاقة الزوجة بأهل زوجها وما ينبغي أن تكون عليها سواء في حياته أو بعد مماته ولم تجدي أفضل من نموذج أرملة أخيك لتقدميه للزوجات اللاتي يحاولن دائماً تعكير صفو الحياة بينها وبين عائلة زوجها دون حساب للعواقب التي من شأنها تمزيق الأواصر والنيل من صورة العم أو العمة.. أو الجد والجدة في عيون الأبناء أو ما شابهها من مشكلات. لقد أقررت بإحسان أخيك الراحل إليك وإلي أشقائك ومن قبلكم الوالدين حين دقق في اختيار الزوجة التي يصلح دخولها بيت العائلة والتي تعمل علي حد وصفك علي تقوية بنيانه وليس هدمه.. وكأنك بذلك تبعثين برسالة لكل أخ مقبل علي الزواج: احذر التعجل عند الاختيار فإما زوجة تعرف قيمة "اللمة والعيلة".. وإما زوجة لا تسمع منها سوي كلمة "أهلي وأهلك" وهنا بداية النهاية!! إذا كان من رسالة عرفان لأرملة شقيقك التي لن يفوتها بإذن الله عظيم الأجر والثواب ليس فقط علي ما تقدمه لوالديك المسنين وإنما لما تتحمله في مشوار كفاحها علي ولديها اليتيمين فإني أحمل لها ولكل من ذاقت مثلها مرارة فقد الزوج هذه البشري التي ساقها رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه في حديثه الشريف: "أكون أول من يدخل الجنة.. فيبادرني علي بابها امرأة قعدت علي أيتام لها".. .. فهنيئاً لك يا هناء ويا كل هناء. تواصل: القارئ محروس عبدالحي من باب الشعرية.. أهلاً بك صديقاً للنافذة.. ومرحباً بمشاركاتك التي بدأتها بإسداء النصح لصاحب رسالة "إعوجاج" بأن يصبر علي اختياراته قليلاً وأن يتخلص من الحساسية المفرطة في معالجته للأمور.. فالحياة لا تتحمل كل هذا الحذف والشطب ويبقي الكمال لله وحده.